رئيس وزراء بريطانيا إبان الحرب العالمية الثانية ونستون تشيرشل، رجل صاحب خبرة سياسية ونظرة ثاقبة في أحوال الأمم، عندما سأل عن رأيه في الشعوب قال في كلمة تاريخية: إذا مات الإنجليز تموت السياسة، وإذا مات الروس يموت السلام، وإذا مات الأميركان يموت الغنى، وإذا مات الطليان يموت الإيمان، وإذا مات الفرنسيون يموت الذوق، وإذا مات الألمان تموت القوة، وإذا مات العرب تموت الخيانة.
استسقى تشيرشل هذه المصطلحات التاريخية مما تعلمه في حياته السياسية واختلاطه بالشعوب وأطباعهم... لكنه لم يأخذ من قيمهم وتقاليدهم وأعرافهم الا الشيء القليل، وهذا ما نعتقده اذ وصف بعدم وجود العرب عدم وجود الخيانة، مما يفهم القارئ أن مفهوم الخيانة مرتبط بالشعوب العربية فقط... وهذا تعبير عار عن الصحة وذلك لأسباب كثيرة نقتطف منها ما يلي:
أولا أن العرب جزء رئيسي من البشرية فقيمهم وعاداتهم وأخلاقهم تشترك مع باقي البشر الذين خلقهم الله عز وجل وأحسن خلقهم، فالخطأ عندهم دارج كما هو عند باقي الملل البشرية والخيانة تحدث بوجودهم ووجود غيرهم من البشر فهي غير ملازمة للعرب فقط، والتاريخ يدل على ذلك.
ثانيا العرب أمة اختارها الله عز وجل فبعث فيهم رسولا من انفسهم يعلمهم الكتاب والحكمة وان كانوا من قبل لفي ضلال مبين، وأنزل عليهم القرآن الذي هو دستور البشر إلى أن تقوم الساعة، فيه ما يدعو إلى الخير وما ينهى عن الشر، تعلم منه العرب القيم السامية والأخلاق الكريمة طوال أربعة عشر قرنا.. فمن الطبيعي أن تكون دراية العرب في الالتزام بهذه الأخلاق أكثر من غيرهم.
لقد أهمل تشيرشل في وصفه للأمة العربية الرجوع لدينها الذي يمثل منهج حياتها وتأثير هذا الدين على كثير منهم واكتفى بسفاسف الأمور التي تصدر من أصحاب مصالح أو جهلة لا يعرفون عن الأخلاق ألا اسمها.
حتى نكون منصفين أمام هذه المقولة لابد من النظر في حياة الأمم من جميع الجوانب الاجتماعية والاقتصادية والروحية ولا نقتصر على الجانب السياسي فقط، فبعد هذه النظر سوف نرى أن الأمة العربية قد هذبها الإسلام وأخرجها الله من الظلمات إلى النور وتمثلت بها الأخلاق الحميدة فقال الله جل وعلا: (كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله) - آل عمران ١١٠.
[email protected]