من المعلوم أن الولادة لا تتم إلا بعد مخاض، وهذه سُنة الله في خلق البشر، حتى مريم عليها السلام ولدت عيسى عليه السلام بعد مخاض (فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ..)، والمخاض هو عملية تسليك الطريق أمام المولود وإخراجه ليكون خلْقا بأحسن صورة (ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ).
في هذه العملية تدبر وحكمة، فهي تشير إلى كيفية اتخاذ القرار وتحديد مساره، فقد أعطى الله تكوين الجنين تسعة شهور ليصبح خلْقا حسنا وهو سبحانه قادر على خلقه في لحظات، فكيف الإنسان الذي خُلق عجولا حينما يتخذ قراره؟ وهل تريث في اتخاذه وتدبر آثاره؟
إن عملية الولادة لهي صورة معبرة ونظام متكامل على كيفية اتخاذ القرارات، فهي لا بد أن تمر بمراحل ثابتة أولها تحديد الهدف والنتيجة ثم دراسة واقع وأثر القرار على البيئة المحيطة، وهذه المرحلة تحتاج إلى وقت واستشارة، ثم تحديد المصالح والمفاسد التي تواجه متخذ القرار، كل ذلك في ضوء التجارب والأحداث المشابهة السابقة.
بعد أن تكتمل الصورة وتكون الاستنتاجات واضحة، توضع البدائل المناسبة لمواجهة ردود الفعل وتعديل الانحرافات، ثم يأتي المخاض ليتخذ القرار حيث تكون نتيجته موافقة للهدف المطلوب.
يقول المولى عز وجل في سورة الذاريات (وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ)، حيث تدل الآية على أن في خلق النفس آيات وحكما ومعاني يحتاج اليها الإنسان في حياته ويستنبطها العلماء من إعجاز هذا القرآن العظيم.
***
قبل الختام: نهنئ سمو الشيخ صباح الخالد بثقة صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد، وتعيينه رئيسا للوزراء، ونسأل الله عز وجل لسموه التوفيق والسداد.
[email protected]