في «الهوى» جميع الأحوال الهادئة والعليلة والمغبرة أيضا وحتى نصل للعاصفة من أحواله!
الهوى ولا شيء غيره متغير ولا حال له، كما لا لون له ولا رائحة محددة يعرف بها!
الهوى له قدرة على سهولة الحياة وصعوبتها في آن واحد، ففي هدوءه تزدهر الحياة وفي غضبه تصعب الحياة!
وقيل عن العشق «هوى» وكأنهم وضعوا كل أحوال الهوى في هذا العشق!
فهل يعصف العشق بأحوال العاشقين بين هدوء وسكون وحتى يصل إلى أن يعصف بهذا العشق كليا؟!
وكأن هذا الوصف المشابه لم يكن لهدوء واشتداد الهوى فقط، بل تعداه ليصل لفقد هذا الهوى ومغادرته لقلوب العاشقين وأنفاسهم نهائيا فيموتون ويتركون في قلوب العاشقين ذكرى وقصصا تروى وأشعار تقال!
ويعرف من أروع قصص العشق عند العرب بقيس وليلى وقيس الآخر ولبنى وعنتره وعبلة وجميل وبثينة.. إلخ، وتجد أجمل وأروع أقوال الشعر في قصص وحكايات عاشقي العرب!
الكبرياء قتل عنترة عاشقا لعبلة وجميل حرم من معشوقته بثينة وبكى قيس ليلاه حتى الجنون فبكى العاشقون معه! وهو من قال في ليلى:
«تذكرت ليلى والسنين الخواليا
وأيام لا أعدي على الدهر عاديا
أعد الليالي ليلة بعد ليلة
وقد عشت دهرا لا أعد اللياليا
أمر على الديار ديار ليلى
أقبل ذا الجدار وذا الجدار
وما حب الديار شغفن قلبي
ولكن حب من سكن الديار»
وقيل في عشق قيس لليلى ما ذهب مثلا بين العرب إلى وقتنا هذا:
«كل يغني على ليلاه!»
فهم هنا صوروا كل عاشق هو عاشق لليلي، وكأن جميع معشوقات العرب هن «ليلى»!
ولم تكتمل الكثير من فصول هذا العشق، وبقي هوى أخذ من العاشقين ما أخذ وأي مأخذ أخذهم!
فأبدعوا شعرا وشيمة وعفة!
وتغنت أم كلثوم في آخر ما كتب الشاعر بيرم التونسي وقبل مماته بأيام أروع ما قيل في العشق وأعمق معانيه برغم بساطة كلماته:
«هو صحيح الهوى غلاب
ما اعرفش أنا
والهجر قالوا مرار وعذاب
واليوم بسنه!»
فتألمت من هذا الهوى الكثير من القلوب، وعصفت بالكثير منها للأسف!
والعشق هوى وهو حالة تصل بالعاشق والمعشوق إلى حالة هيام تتعدى كل الصور وتصل إلى صورة رائعة يتغنى بها العاشق في معشوقه ليطرب القلوب من بعده!
وفي تشبيه العشق بالهوى وجدته في شعر عمي وخالي «خالد الخضيري» في قوله:
«هذا الهوى سنة الناسي.. حتى البعارين تدريبه»
وكثيرا ما رددت هذا البيت من شعره معترفا بالهوى ووجوده، والهوى موجود في جميع الكائنات الحية وبلا شك يوجد أكثره في القلوب الحية!
ودمتم بهوى دائما.
٭ 1/2 كلمة: أندر الأشياء ليس ما تراه عينك، ولكن ما تشعر به وتحس به!
m_alsaeidi@
[email protected]