عندما جلست أمام النيل وتأملت ما جرى فيه من اهمال وتلوث وألوان مياهه الباهتة وتناقصه الذي يبدو واضحا! تحسرت على مصر والنيل والطموح الذي يجب ان يكون! فتساءلت هل هذا هو نهر النيل؟ وهل هذا هو النهر الذي مر بالاحتفالات والمعتقدات التي تقام لتكريمه ولعروس النيل التي يتم اختيارها من بين اجمل نساء مصر لتلقى به ارضاء له؟! حتى لا يفيض ويتلف الزرع ويذهب بالحصاد!
من الاحتفالات الصاخبة كانت تقام بمصر الفرعونية ويطلق عليها (وفاء النيل). الى نهر مهمل لم يعد انتاجه يذكر ولا نقاوته ولا صفاء مياهه وحتى كمياته التي انخفضت وتثير المخاوف!
نهر النيل اطول نهر في العالم والذي يختلف في جريانه من الاسفل الى الاعلى ومن الجنوب الى الشمال بخلاف جميع انهر العالم!
هو نهر يحتضر او يكاد يحتضر شاكيا التلوث والإهمال والنقص في كمياته!
النيل هو مصر ومصر هي النيل هكذا عرفنا مصر بشعبها الطيب وبآثارها العريقة وبصناعاتها المميزة وزراعتها القيمة وبفواكه الصيف والشتاء! فمن ذا الذي يصدق ان مزروعات مصر ومنتجاتها تسقى بمياه الصرف الصحي في عدة مواقف اثارت جدلا واسعا ومازالت؟!
ويقال: من شرب من مية النيل لابد وأن يعود لها!
فهل ينطبق هذا الآن وهل مازال السائح او الزائر لمصر يشرب من مياه النيل فعلا ام من مياه معدنية معبأة او حتى مياه معبأة ومنقاة؟!
مصر لم تعد كما كانت كنيلها الذي لم يعد كما كان!
نهر النيل تلك القوة الاقتصادية التي قام عليها الاقتصاد المصري الزراعي منذ عهد الفراعنة حتى وقت قريب هو للتراجع اصبح اقرب، فمن يعرف مصر بالطبع يعرف قيمة القطن المصري طويل التيلة وقيمة محصولاتها الزراعية ويعرف بورصة القطن الأولى عالميا ذاك الوقت! والتي أنشئت في الإسكندرية عام 1885م وكانت أحد معالم الإسكندرية على الإطلاق!
ومن يعرف مصر يعرف بالطبع ذاك الممر الملاحي في النيل الذي يربط مصر من اقصاها الى ادناها مع اوساط افريقيا، وحتما هو يعرف هذه القيمة وماذا تعني للاقتصاد لو استغلت خير استغلال! بخلاف السد العالي الذي قفز بإنتاج مصر من الكهرباء!
فلم يعد للنيل دور في اقتصاد مصر وهذا الدور المفقود او الذي فقد في وسط الزحام الاقتصادي الذي تصوره المصريون معوضا عن النيل!
فالسياحة والآثار المصرية ولا حتى القرى السياحية او حتى مدنها الجديدة باستطاعتها ان تعوض ولو قدرا بسيطا من هبة النيل للمصريين واقتصادهم!
ومن ظن او يظن بذلك فهو حتما مخطئ فمصر لن تعود الا بعودة النيل لدوره المعهود!
مصر تبدو شاحبة بشحوب نيلها ملوثة بتلوثه ليست هذه هي مصر وليس النيل هو النيل!
لست متشائما ولكني على يقين لو عاد النيل لدوره لعادت مصر افضل مما كانت!
وهنا يجب ان تكون للحكومة المصرية ومجلسها النيابي دور وموقف في اعادة النيل كما كان راعيا اول للاقتصاد المصري! وأن تعاد للأراضي الزراعية هيبتها المفقودة ولا يضحى بالأرض الزراعية بسهولة وأن يتم الاهتمام بنقاء وصفاء مياه النيل ونظافته وإنتاجه مع توافر الايدي العاملة والأراضي الشاسعة في مصر، فلن يكون ذلك مستحيلا وأن تفرض عقوبات قاسية على من يلوث النيل او يسرف في هذا المورد المهم .
فمصر تمتلك هـبة النــيل وما ادراك ما هبة النيل!
هي الكنز الذي يكاد ان يفقده المصريون ان لم يكن فقدوه حقا!
مصر حقا لا تستحق هذا الإهمال وخصوصا بمرفد مهم كنهر النيل!
٭ 1/2 كلمة: يعلم الله ان حبي لمصر هو بمنزلة حبي لبلدي الكويت، حفظ الله مصر وأعز شعبها.