جلس شابان بجانبي صدفة وراحا يتحدثان بصوت مسموع وكان حديثهما يدور للوهلة الأولى عن مشروع تجاري ضخم، حيث كانا يتحدثان عن معدن الألماس وكيفية اقتنائه وشرائه والعمل على زيادته وتطوير حصيلته وكانا منهمكين في وضع خطط ومشاريع الشراء والبيع، ولكون صوتيهما عاليا ولم أقصد استراق السمع أبدا، فقد ابتسمت وأدركت أن همة الشباب لا تُقهر، فهؤلاء من جيل وطني الذي تسعدني همتهم وأفخر بها، حيث استمرا في وضع المشاريع خلال جلوسهما بقربي، ولكوني أملك فضول الصحافي وجدت لي مدخلا لكي أشيد بهما في البدء وأجد لي موضوعا آخر قد يكون سبقا صحافيا للإشارة الى تجارتهما في شراء الألماس، حيث كان يدور في عقلي عدد من الأسئلة، وما أن تجاذبت الحديث معهما حتى صعقت من المفاجأة، إذ إنهما كانا يتحدثان عن لعبة إلكترونية كانا يلعبانها، حيث اكتشفت وليتني لم أعرف أن محور هذا الحديث كله يدور عن لعبة يمارسانها وفي عمليات شراء وبيع ألماس!
ولكون أعمارهما تتجاوز الأربعين تقريبا مما زاد استغرابي أن هناك من بهذا العمر من يمارس الألعاب الإلكترونية بهذا الإدمان ويشغل وقت فراغه، وهو أمر كنت أجهله، حيث لم أقف عند أسئلتي وتعديت باستغرابي ودهشتي لأعرف أنهما يقضيان ما لا يقل عن 6 ساعات في اليوم لممارسة هذه اللعبة التي تنشئ جيشا وتحارب به وتسرق الألماس وتبيعه وتعرضه، وهي من الألعاب الجماعية التي يكون بها أكثر من شخص، لأعرف أيضا منهما أن «الربع» جميعهم يلعبون هذه اللعبة وهم متزوجون ولديهم أبناء وانهم منذ سنوات على هذا الوضع.
وان يكن من أمر، فقد تركتهما وأنا ما بين حسرة وقتهم الضائع على لعبة وما بين دهشتي من اكتشافي لأمر كنت أجهله في جيل يعلق الوطن عليه نهضته، وما بين تساؤل حار بي، ما فائدة ما يقومون به لأنفسهم ولأسرهم؟
ولكون هذه الحادثة شدت انتباهي، حيث رحت أسأل من اعرف حولي عن تلك الألعاب لأكتشف أن الكثير من هذا الجيل يمارسها ويمارس غيرها من الألعاب التي يتخللها قتال وجرائم وسرقات ومشاجرات، وهي ألعاب جماعية يكون فيها اكثر من شخص وتعتمد على الانترنت والبلاي ستيشن، وآخرون يلعبونها بهواتفهم الذكية ويقضون وقتاً يمتد لساعات طويلة، وان ما يقومون به هو نوع من الإدمان، ولكوني لست بمتخصص فقد تحسرت كثيرا على هذا الجيل الذي لم أزل محتارا فيما يقوم به ورحت أردد افا بس «طار السبق الصحافي».
[email protected]