تابعت مؤخرا آراء الكثير من الخبراء التربويين في مختلف البلدان العربية وبالأخص بالمملكة العربية السعودية، وأفضت تلك الآراء إلى أهمية تحويل الدارسة لطلاب المدارس إلى نظام «التعليم عن بعد»، وذلك في إطار الرأفة بالطلاب من المشقة التي يشعرون بها خلال فترة الصيام وتأثير ذلك على قدرتهم على الاستيعاب والتركيز والتحصيل الدراسي، ولنا هنا وقفة فدعوة تحويل الدارسة إلى نظام «الأونلاين» ليست دعوة إلى الكسل بل هي دعوة إلى النظر إلى الأمور بمنظور جديد ومختلف.
وفي النظام التعليمي حددت وزارة التربية ساعات الدراسة للطلاب خلال شهر رمضان المبارك، فطلابنا بمرحلة رياض الأطفال والابتدائية يدرسون لمدة تصل إلى 5 ساعات، وطلاب المتوسطة والثانوية يدرسون نحو 6 ساعات وبتقسيم تلك المدة على الحصص فسنجد أن الطلاب لن يتمكنوا من حصد الكثير من المعلومات الدراسية خلال تلك الفترة القصيرة، فضلا عما يقضيه الطلاب من وقت خلال ذهابهم وانصرافهم من المدارس، وأرى في ذلك نوعا من المشقة على هؤلاء الطلاب خاصة بالمراحل المتقدمة من التعليم، فهم سيقومون بالعديد من الأشياء في وقت واحد سواء من صوم أو دراسة ورحلة ذهاب وعودة وكذلك المذاكرة وتأدية العبادات الخاصة بالشهر الفضيل، فكل هذا سيمثل عبئا عليهم، في حين أن تحويل الدراسة «عن بعد» سيزيل بعض المهام عنهم وبالتالي سيخفف من أعبائهم بشكل كبير، خاصة أننا لدينا تجربة ناجحة للتعليم عن بعد خلال فترة انتشار «كورونا» والاستعانة بالمنصات التعليمية، علاوة على ذلك فإن هناك تخفيفا للأعباء عن أولياء الأمور أيضا من حيث النفقات والمصاريف في ظل الأزمة الاقتصادية التي يمر بها العالم.
ولأن في شهر رمضان المبارك فرصة عظيمة للتلاحم الأسري وتقوية الترابط المجتمعي، فيمكن تطبيق تجربة نظام العمل المرن، و«العمل عن بعد» بمختلف الوزارات وذلك في ظل وجود العديد من الترتيبات المسبقة التي تتيح حسن سير العمل وتقديم أفضل الخدمات للمتعاملين، كما يمكن للمواطن إنجاز معاملاته «اون لاين»، وهذا سيخفف عليه الكثير من المشقة ويوفر له الوقت.
وفي شتى البلدان العربية طبقت العديد من الحكومات تلك الأشكال الجديدة من أنظمة العمل والتي أثمرت نجاحات عدة، بل إنها ساهمت بتيسير المهام بالوزارات، كما يمكن الاستعانة بتلك النماذج الناجحة التي تتبع خلال شهر رمضان المبارك، فمثلا في المملكة العربية السعودية يتم منح إجازة للعاملين بالقطاع العام ابتداء من يوم 25 رمضان، وللعاملين بالقطاع الخاص منذ يوم 28، إلى جانب الإجازة الخاصة بعيد الفطر المبارك.
وبالنهاية يكون الهدف من الإجازات هو العمل على تجديد طاقة الإنسان، فقد أثبتت عدة دراسات أن للإجازات تأثيرا إيجابيا على الصحة النفسية والجسدية للإنسان، كما أن منح الإجازات واتباع آليات جديدة للعمل خلال شهر رمضان واحتفالاتنا الدينية سيسهم بتعزيز الترابط الأسري والمجتمعي، ويتيح للجميع الوقت للاحتفال بالشهر الفضيل وتأدية العبادات على أفضل شكل ممكن دون الانشغال بالمهام الحياتية الأخرى التي تستنزف معظم أوقاتنا.
«باقة ورد»: نشكر الأخ اللواء الشيخ فواز خالد الأحمد الصباح على حسن الاستقبال وتسهيل مهام جميع الزملاء.
[email protected]