لم أشك يوما في أن رئيس مجلس الوزراء سمو الشيخ أحمد نواف الأحمد الصباح هو رجل المرحلة، وهو الأجدر والأكثر تميزا لتحمل المسؤولية في الفترة الراهنة، التي أعتبرها بمنزلة النقطة الفاصلة بتاريخ الكويت، وأولى الخطوات على طريق المستقبل والإصلاح، وأفسر أن ما حدث خلال الفترة الماضية من احتدام بين الحكومة ومجلس الأمة هو مجرد اختلاف بين طرق إدارة الأمور، والتعامل مع الملفات التي تتسم بالأهمية، والتي من الممكن إدراجها تحت مسمى المطالبات «الشعبوية»، وقد تسبب هذا الاختلاف في استقالة الحكومة.
ولكن مع صدور المرسوم السامي بإعادة تعيين سمو الشيخ أحمد نواف الأحمد الصباح رئيسا للوزراء، وتكليفه بترشيح أعضاء الحكومة، لابد أن تتخذ الأمور مسارا جديدا وأن تبدأ السلطتان التنفيذية والتشريعية باتباع نهج مختلف لشكل التعاون بينهما، يختلف بشكل جذري عن النهج السابق والذي على الرغم من أنه لم يستمر كثيرا إلا أنه أفضى إلى نتائج غير مرغوب بها لجميع الأطراف.
وبمراقبتي لردود الأفعال حيال عودة سمو رئيس الوزراء إلى منصبه، أجد أن سموه لايزال يحافظ على رصيده من الشعبية لدى الجميع، وأن الثقة به لم تتزعزع، لاسيما أن جوهر الاختلاف بين الحكومة ومجلس الأمة كان يتعلق بأمر «إسقاط القروض»، ذلك المطلب الذي أثار الرأي العام وأصبح لديه الكثير من الداعمين له، ورغم ذلك هناك ترحيب قوي بعودة سمو الشيخ أحمد النواف الأحمد الصباح، حتى إن أعضاء مجلس الأمة رحبوا بالمرسوم، وألمحوا في كلماتهم إلى ما يتوقعونه من أداء حكومي أفضل، مطالبين بوجود معدل أعلى من التدقيق باختيار الوزراء رغم أن التشكيل الحكومي السابق كان يضم عددا من الوزراء الذين أحدثوا فارقا ملحوظا بالشأن العام ويأتي في مقدمتهم الشيخ طلال الخالد، كما طالب النواب بزيادة شكل التعاون مع مجلس الأمة وأعضائه.
والحقيقة أنني أترقب فتح ملف «إسقاط القروض» من جانب أعضاء مجلس الأمة حتى أرى ما سينتهي إليه هذا الأمر، وهل ستكون النتائج مماثلة لما سبق، أم أن هناك تعديلات في سياسة التعاون بين الطرفين، تثمر نتائج ملموسة للشعب.
وهنا أشير إلى أنني ضد أمر إسقاط القروض لعدم مناسبته مع الفترة الراهنة، وأرى أنه من الأفضل أن يكون التوجه في مسار العمل بين السلطتين على زيادة الرواتب، والدفع بأكبر قدر من ميزانية الدولة في المشروعات التنموية القادرة على إيجاد مصادر جديدة للدخل يمكن من خلالها توفير الآلاف من فرص العمل لأبناء الكويت، خاصة أن البرنامج الحكومي الذي أعلن عنه مسبقا تحت مسمى «نحو حكومة.. تهتم وترعى مواطنيها» يركز على العديد من المحاور المهمة المتعلقة بعملية الإصلاح الاقتصادي للدولة، ويضم نحو 86 مبادرة ومشروعا تنمويا وإداريا، من بينها ضبط باب الأجور.
وهنا أستطيع أن أستنتج أن أمر الظروف المادية للمواطنين لم يغب عن خطة الحكومة بل إنه كان حاضرا وبقوة، وأن حدوثه أمر يتعلق بـ «التوقيت» فقط ولا أكثر من ذلك، وأنه كان يجب على الجميع منح الحكومة الوقت الكافي للبدء في تنفيذ مشروعتها، ولكن يستوقفني هنا عتاب شديد على الحكومة يؤخذ من منطلق الحرص عليها، وهو عدم وجود التسويق والإعلان عن مشاريعها ومبادراتها بالشكل الكافي، فلابد من تغيير إستراتيجية التعامل إعلاميا وإيصال فكرة المخططات الحكومية للمواطن حتى يستشعر بالطمأنينة ويدرك حجم المجهودات التي تبذلها الحكومة من أجل الكويت ومن أجله أيضا.
[email protected]