Note: English translation is not 100% accurate
ثري خليجي
الأحد
2007/5/27
المصدر : الانباء
نجاح في عملية تلخيص الموضوع
حدث خطأ، الرجاء اعادة المحاولة
لا يوجد نتائج في عملية تلخيص الموضوع
بقلم : مشاري العدواني
مشاري العدواني
أكملت دراستي الجامعية في إحدى الدول العربية الكبرى، وفي أثناء تلك الفترة، وبالتحديد في العام الدراسي الثاني رجعت إلى الكويت، لقضاء إجازة منتصف العام، وبالصدفة علمت من صديق أن أستاذنا في الجامعة، وهو بمرتبة بروفيسور وأحد النوابغ في القانون الدولي، موجود في البلد لحضور مؤتمر، فقررت أن أقوم بواجب الضيافة وأدعوه إلى العشاء في منزلي، وبالفعل لبى مشكورا الدعوة، المهم جلسنا نتسامر إلى وقت متأخر من الليل، وبعدها قمت بتوصيله للفندق الذي يقيم فيه، وكانت الساعة حينها الثانية بعد منتصف الليل، وفي الطريق، كان الشارع شبه مهجور من السيارات والمارة، وعندما توقفت عند إحدى الإشارات المرورية، بدأ البروفيسور بالالتفات يمينا ويسارا، ثم سألني: لماذا توقفت مع انه لا توجد سيارات ولا يوجد أي شرطي مرور يراقبك؟ فقلت: لأننا تربينا على احترام قواعد وآداب المرور، والقضية ليست أنني مراقب أم لا، بل هو احترام النظام، حتى لا يتحول البلد إلى فوضى، صمت الرجل لدقائق وفجأة نطق وقال: أنا آسف يا بني.
تعجبت وقلت على ماذا الأسف يا دكتور؟ فقال: بصراحة أنا كانت لدي نظرة مسبقة عنكم انتم أيها الخليجيون، وهي أنكم مجموعة من البدو الرحل، هبط عليكم البترول من السماء، ولا تفقهون شيئا في هذه الدنيا إلا صرف الأموال.
فقلت له وبعد حادثة اليوم كيف تنظر لنا؟ فقال: انتم المتقدمون وإحنا اللي طلعنا الرعاة.
لم أتعجب كثيرا من تلك النظرة السلبية الموجودة أساسا لدى الغالبية العظمى من الشعوب العربية، ولكنني بالتأكيد مستغرب أن يصدر هذا الحكم المسبق من إنسان أكاديمي، من المفترض انه مطلع.
أما الشعوب العربية فهي مسكينة ومغرر بها، لان الغالبية العظمى منها تستقي معلوماتها من الجرائد القومية في تلك الدول، وللأسف الشديد معظمها، غير محايد في النقل والوصف والتعليق على أي حدث يقع في منطقة الخليج العربي أو يتعلق بالخليجيين.
فتخيلوا أنني ذات مرة قرأت في الصفحة الأولى في إحدى اكبر الجرائد العربية توزيعا ، خبرا يقول: القبض على ثري خليجي يقود سيارته «الثمينة جدا» بسرعة جنونية في شوارع مدينة (....) وتخيلوا أن هذا الثري هو مجرد طالب خليجي يدرس في تلك الدولة، ويسكن مع ثلاثة من أصدقائه في شقة واحدة، وبالكاد يستطيع أن يوفر أموال دراسته، أما السيارة فهي لصديق له، وهي من النوع الرخيص جدا! طبعا التأثر النفسي للقارئ في تلك الدول كبير جدا، فهو لا يرى أي بارقة أمل في الخليجيين، نحن وكما قالها وأراد أن يجملها الدكتور مجرد رعاة غنم، هبطت عليهم الأموال من السماء، ولكن ما لم يقله، هو النظرة لدى العديد من الشعوب العربية، على أننا لا نجيد إلا صرف الأموال في الملاهي الليلية وكازينوهات القمار، والعبث مع بنات الليل، باختصار نحن الشعب الذي يعيث في الأرض فسادا.
في الخليج هناك شعوب ودول وتقدم ورقي، ومثقفون، وعلماء، ونوابغ، وفنانون ورياضيون، وتوجد آمال وأحلام وتطلعات للمستقبل، واقتصاد متين، ونسب الأمية تكاد تكون معدومة، المشكلة الكبيرة في الإعلام العربي ، وبالتحديد في عالم الصحافة، إنهم يعتبرون أي محرر يكتب خبرا عن افتتاح مشروع ضخم في منطقة الخليج العربي انه مرتش! وأي كاتب يشير في مقاله إلى تقدم الإنسان الخليجي على نظرائه العرب هو أيضا مرتش! وأي صحيفة تتحدث عن التقدم والتطور في بلادنا هي فاسدة، و تتلقى الأموال من دول الخليج ! حتى الأخبار الرياضية الخليجية هي من المحرمات في الأقسام الرياضية في الصحف القومية العربية.
والإنسان هو عدو للمجهول، وأي خبر صادق عن الخليج العربي، يعتبر من المجهول لدى تلك الشعوب.