لأول مرة أجد نفسي عاجزا عن الإمساك بقلمي للكتابة، فمشاعر العار والخذلان والحزن والانكسار تقبع فوق صدورنا وتخيم على نفوسنا وتلجم ألسنتنا وتجفف محابرنا، رغم أننا في أحد أعياد المسلمين التي ينبغي أن تسبغ علينا الفرح والسرور، إلا أن مصيبتنا فيما يحدث لأشقائنا بفلسطين أكبر وأشد من ان نتحملها أو نتغاضى عنها.
وستظل هذه المشاعر تلاحقنا في حياتنا وبعد مماتنا، إزاء قضية اعتدنا على مدى 66 عاما ألا نرى حلولا لها من دولنا العربية إلا ببيانات الشجب والاستنكار، ومبادرات الهدنة والتهدئة، وكلها لا تخدم قضيتنا العادلة، بل الأدهى والأمر أنها تصب في صالح الكيان الصهيوني المغتصب الغادر الغاشم.
هدنة بسيطة لعدة ساعات كانت كفيلة بتعرية العرب جميعا وفضح تخاذلهم، بل تواطؤهم ضد الأبرياء العزل في قطاع غزة، أما المجتمع الدولي فقد تعرت سوءاته ومؤامراته ضد الإسلام والمسلمين، فهذا المجتمع الدولي يقلب الحقائق ويزيف الأمور لمصلحة الصهاينة، وبدلا من أن يطالب بعودة الحق الفلسطيني والعربي من براثن المحتل الغاصب نراه يدين الدفاع المشروع عن النفس من قبل الفصائل الفلسطينية.
مئات المنازل المدمرة ومئات الجرحى وآلاف المصابين لا يجدون من يسعفهم ومئات المنكوبين تحت الأنقاض لا يجدون من يدفنهم وآلاف المشردين بلا مسكن ولا مأوى ولا يجدون من ينصرهم.
أكثر من 1000 شهيد تحت نيران المحتل بلا هوادة أو رحمة.. بلا ضمير أو إنسانية.. الأشلاء تنتشر بين الأزقة والطرقات.. مناظر المصابين تقشعر لها الأبدان وتهتز لها القلوب.. لكن حكامنا العرب لا يقدمون لهذه القضية إلا المزيد من الخذلان، فالحرب الصهيونية البربرية على غزة تعدت كل أشكال الوصف، فقتل الأبرياء والمدنيين يتم مع سبق الإصرار والترصد لأطفال ونساء وشيوخ، أما الناجون من الموت تحت نيران طائرات ومدفعية الكيان الصهيوني، فإنهم لا ينجون من الخوف والهلع، فماذا قدمنا لهؤلاء الأطفال؟
إننا جميعا شركاء في خذلان غزة، فقد تخلينا عن كرامتنا وعزتنا ونخوتنا، واكتفينا ببيانات الشجب والاستنكار والتنديد، تركنا حكوماتنا تنساق وراء الأجندات الأميركية التي توجه سهامها إلى ظهورنا من أجل عيون ابنتها المدللة إسرائيل.
أين الإرهاب إذن؟ هل هو ما يقدم عليه بعض الفلسطينيين من الدفاع عن أرضهم وشرفهم وأنفسهم، أم ما يمارسه الكيان المغتصب من قتل وتدمير بأسلحة محرمة دوليا؟
إننا نكرر في كل مرة تستعر فيها آلة القتل الصهيونية التصريحات والمقالات والبيانات نفسها، لكننا لم نقدم شيئا لأشقائنا، ولم نسع بإخلاص إلى تحرير «أقصانا» من براثن المحتل الغاصب.
لكننا نعلنها مدوية نحن أمة المليار مسلم، هناك الملايين من الشباب المستعدين للقيام بدورهم الأخلاقي والوطني والقومي في الدفاع عن أرضنا المغتصبة.
كفانا ذلا وهوانا، فهذا هو ما منح العدو القوة والجرأة على تكرار الاعتداءات مرة تلو الأخرى، وفي كل مرة يزداد وحشية وخسة ونذالة.
لقد ارتفعت الأصوات بالدعاء خلال الصلوات الأيام الأخيرة من شهر رمضان المبارك، وتضرعت القلوب إلى بارئنا بأن ينصر إخواننا في فلسطين ويدحر المعتدين الغاصبين، ولا نملك إلا أن ندعو حكامنا إلى البحث عن آلية فعالة تردع العدو الصهيوني وكل الدول التي تدعمه، فما نتعرض له الآن كعرب ومسلمين يحتاج الى ردود فعل شجاعة لا تقل بأي حال عما تم خلال 1973، وتأكدوا أنه إذا لم تكن ردود فعلنا قوية شجاعة تستند إلى الحق والمنطق فلن نرى إلا المزيد من التقهقر والتراجع والانكسار.. اللهم هل بلغت اللهم فاشهد.
[email protected]