وأنا أسير ليلا في شارع ابن خلدون بمنطقة حولي، قاصدا المجمعات التجارية التي تختص بالكمبيوتر وقطعه، وفي خضم التزاحم والتدافع بين أزقة وممرات المعارض المتلاصقة لم أجد نفسي إلا وقد دخلت في وسط مكان تفوح منه رائحة التبغ والسجائر (والشيشة) بكامل روائحها النتنة فوقفت متأملا المنظر المقزز ونحن في شهر الخير والرحمة والمغفرة، لكن المصيبة أعمق وأبلغ عندما لفت انتباهي نسوة في العقد الثالث والرابع ويبدو عليهن أنهن من الكويت أو الخليج وهن بكامل عقولهن يسحبن من سم (الشيشة) وينفخن بالدخان في أعالي المكان دون خجل أو استحياء من المارة، فسألت النادل الذي كان واقفا أمامي وقلت له: ما هذا اتقوا الله إننا في شهر رمضان وما تفعلونه يعد منكرا عظيما؟! قال لي: «معلش ياباشا هو كدا في مكان للرجالة ومكان للستات؟». فقلت له: هذا المكان مغلق وفيه تدافع بين الناس واختلاط بين النساء والرجال وكأننا في أحد أوكار الفسق والفجور والرذيلة! قال لي: «أنا معرفش حاجة وبلاش مشاكل». فخرجت من المكان وأنا أتحسر على ما وصلت به قوانيننا الأمنية في عدم تحييد وتقييد هذه الأنشطة التي هدمت أخلاق شبابنا واهتماماتهم ووقت فراغهم وأنا في واقع الحال لا أعلم لماذا لم يطبق ولم يفعل قانون الظواهر (السلبية) الذي أقر من مجلس الأمة منذ سنين وبإجماع ساحق من كل الأعضاء، ولماذا لم نسمع صوتا أو قانونا حقيقيا من قبل البلدية في قضيتي التصاريح ومزاولة الرخصة بشكل جلي دون تجاوزات تعكر صفو الأسواق ومرتاديها، وماهية النشاط مكانا ونوعا وكيفا، وهذا الأمر ينسحب على وزارة الشؤون والإدارة العامة للإطفاء وكل الجهات المعنية بإعطاء التراخيص الخاصة بالعمالة، والمزاولة، والذوق العام، ونظام الدولة، وقبل هذا وذاك يجب أن تتعاون الوزارات سالفة الذكر مع وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية لوضع آلية عمل وخطة مسار شرعية تتوافق مع البند التجاري المعمول به، ومع طبيعة المجتمع الكويتي بكامل فئاته من منطلق السمت الإسلامي والوطني والخلقي المعتدل، عندها من الممكن أن نظفر بقانون مثالي يحقق العدالة والنظام والربح المشروع.
[email protected]
@engmubarakq8