كنت خائفا عليه منذ أن عرفت مواقفه الوطنية التي لا تقبل التجزئة أو التلون، فشخصيته رحمه الله كانت نابعة من عقيدة أبيه الشيخ متعب بن محروت بن فهد بن عبدالمحسن البيك الهذال شيخ مشايخ قبيلة عنزة، فمتعب، حفظه الله، هو القلب النابض لآل الهذال إلى جانب اخوته في الداخل والخارج، حيث استمد هذا القبول الطاغي من حب قبيلة عنزة له دون استثناء، لأنه صاحب مبدأ وغلبة صادقة نقية لا تضاهى وأياد بيضاء ومشاهد إنسانية واجتماعية في جبين القبيلة العريضة العريقة، فالشيخ الشهيد بإذن الله أورنس لم يختلف عن هذا الامتداد المؤصل، فحضوره العفوي، دائما مايؤكد مرارا وتكرارا سمات التواضع والشجاعة والكرم وكرامة النفس، والاستذباح على التمسك بالأرض أمام كل المغريات والامتيازات التي منحت له خليجيا وإقليميا فجذور (نخيب والكسرة والهبارية) تعد الكيان والوجود والحنين له ولأسرته الكريمة وأبناء عمومته الحبلان خاصة والعمارات عامة، حيث صناعة المجد والرجولة والسواسية بين أبناء العمومة وغرس أنبل العادات والأعراف التي سمع بها القاصي والداني، وكم تحدث المتحدثون عن موقفه الفريد والشجاع قبل وإبان الغزو العراقي للكويت مع المقبور صدام حسين، عندما عرض عليه منصب محافظ لمنطقته والمناطق المجاورة، فرفض رحمه الله هو وأبوه الشيخ متعب، وقالا لن نكون أداة بيدك أو بيد غيرك ونحن أحرار ولن نموت إلا أحرارا، ولم يتزعزعا أو يخافا من عقوبة الاعدام التي تعتبر الجزاء لمن يخالف رأي أو قرار صدام حسين، ولم يرتحلا وجلسا شامخين في العراق رغم المضايقات الكثيرة عليهما، ومن مواقفه رحمه الله هو وأبوه رفض العرض المغري الذي جاءهم من حكومة المالكي آنذاك، ببيع منطقة النخيب بملايين الدولارات وضمها لكربلاء بدلا من محافظة الرمادي، وبقيا ثابتين صامدين، ولم يعدلا عن رأيهما ولم يتنازلا عن أرضهما شبرا واحدا، بل وأصرا على التلاحم والتآزر مع أهلهم وجماعتهم في المنشط والمكره وفي الحرب والسلم، وتشرفا بأن يكونا على هذا المبدأ النظيف الذي لا يتقنه إلا هما وأمثالهما من شيوخ وأعيان متفردة ومتجردة للوازع الوطني، مما خلق منهما شخصيات لامعة ومقدرة جدا جدا.
الحديث يطول عن الشيخ الشهيد أورنس بن متعب الهذال، ويكفيه فخرا بأنه ترك حياته مجاهدا ساهرا على ثغر من ثغور الحق والعدل والمصير، ولم يسلم رقبته للدواعش الخوارج ولا لغيرهم ولم يبايع البغدادي أو غيره رغم كل محاولات التهديد والوعيد بالقتل، وظل صامدا حاميا مقداما صلبا، إلى أن اغتالته يد الدواعش القذرة الجبانة عبر هجوم مفخخ استهدفه واستهدف ديوانه العامر، حيث استشهد ومعه ثلة من جماعته الحبلان وغيرهم من الأفخاذ والعشائر الأخرى.
رحم الله الشيخ أورنس ومن مات معه، ونسأل المولى عز وجل أن يكتبهم في أعلى عليين ويحشرهم مع النبيين والشهداء والصديقين والصالحين، ونسأله تعالى بأن يحفظ أباه الشيخ الجهبذ متعب بن محروت الهذال وأن يمده من موفور الصحة والعافية، وجميع المسلمين الموحدين المرابطين المجاهدين تحت راية لا إله إلا الله محمد رسول الله..
اللهم آمين.. اللهم آمين.
[email protected]
engmubarakq8@