ماذا عساي أن أقول وقد تلقفت الأقدار ما تناثر من جسد خليجنا الأزرق حتى أصبح رماديا! وأي جسد هذا وبين عشية وضحاها ينقلب إلى لون الرمضاء! لنترامى على تورية تراحم بات وهرب من تنهيدة الحب وحكاية المصير! وما ان لبثتا برهة من الإطراق السياسي المعتبر، إلا ورياح الفرقة تصفعنا من هنا وهناك! ما بالنا يا إخوة العروبة والتاريخ والمجد والسؤدد! ما بالنا نتراجع إلى زوايا وأحضان مهترئة لا روح لها ولا قلب ! ما بالنا نعيد النظر في طول أعناقنا ونحكم الخناق ولا خاسر إلا روح زهقت وقلب توقف!.. أرجموا شياطين تكدست وتمايعت على أسنمة المواقف المائلة! أليس من حق الشعوب أن تعيش بأمان باذخ ! أليس من حق الدول الالتماس المطلق للسيادة والسياسة وربطهما على لافتة الواقع والتنفيذ! أليس من حق قضايانا العربية والإسلامية الشائكة أن ترفع أسقف العتب علينا كدول نفطية تستطيع التحكم بملفات أغلقت! لاسيما فلسطين المحتلة وبغداد الرشيد وشام خالد بن الوليد والكثير من البقاع التي لا ترى بعد الله إلا وقفة صامدة نفحها كنفح الحق في صدر الباطل واجتثاث من بعد موت مزهق!.. أليس من حق الأمة أن تفرح بصلاح دين آخر يعيد لها كرامتها وحقوقها المسلوبة! أليس من حق الضمير العربي أن ينزع عباءة العبودية والتبعية! أليس من حق القوي الطامح أن يقول ها أنا ذا؟! أليس من حق الفقر المحدق أن يتطهر وينعم وينمو بأموالنا العبقة! أليس من حق الثكالى عيشا على قدر المصيبة والفقد! أليس من حق المظلوم المضطهد الذي سلبت أرضه وتشرد منها أن يرى عربيا يرفع له الأكف هاديا وناصرا! أليس من الإلحاح أن ندفع من جانب الإعلام الحر الطاهر وينقل لشعوب الأرض واقع أهل الأرض! أليس من الصفاء أن نبدو بأجمل حالات التغاضي والصفح! أليس من جمال الاعتذار أن يصدق ولا يرمى على قارعة الطريق تهفوه الرياح من هنا وهناك!.. نعم.. نعيش حالة من الغثيان والإخفاق السياسي المؤلم (محليا وإقليميا ودوليا)! نعيش طريقة من طرق الترميم المزمن الذي صلح خارجه وضعف داخله وقواعده تتراقص على صفيح ساخن ولا أمل لبصيص من ركوز أو ثبوت! لاسيما والعالم أجمع وعلى رأسه دول المركز ذات القرار النافذ تنظر لخليجنا نظرة الوديعة التي يجب المحافظة عليها عبر كل السبل المشروعة وغير المشروعة! فالاصطفاف الحربي والدعم الإنساني واللوجستي وكل ما ذكر آنفا بمنزلة رأس حربة وحجر زاوية في تكوين سياساتنا الخارجية وطبيعة التعامل مع الكبار أصحاب القرار الدولي القاطع!
نحن في دول الخليج نغوص في برك من نفط وغاز وموارد طبيعية وهذه الحالة الفارهة لا تعجب المجتمع الدولي إطلاقا إلا أن تستثمر بشكل متقن! فلا نستغرب أن كثرت علينا القرارات المنصوصة ذات القوانين الدولية لنكون دولا مانحة لإنعاش أسواق واستثمارات وشعوب وأفراد!.. نعم هذا هو واقعنا الذي يجب أن يوضع على مسطرة مستقيمة! لنعرف ونقرأ ونحدد قدراتنا ومدى قوة جبهتنا داخليا وخارجيا.
أذكر فقط بأن دول المنطقة برغم الشرخ والجرح والصدمة! إلا ان لها طابعا يغرد على أغصان الحنين والشوق والعدل والاستذباح لتكون عودة حقيقية (محفوظة بالإيمان) تحدوها الشراكة المتبادلة التي نص عليها النظام العام لتأسيس مجلس التعاون الخليجي الذي حدد الأهداف التي تسعى لتحقيق التنسيق والتكامل والترابط بين الدول الأعضاء في جميع الميادين وصولا إلى «وحدتها» وتوثيق الروابط بين شعوبها، ووضع أنظمة متماثلة في مختلف الميادين، فليس من المنطق تهجين هذا الميثاق برمشة عين! وضغطة زر! ورغبة منفردة! وهو في حضن المجتمع الدولي بكامل دسومته!
إن الحرب أو التسليح أو دغدغة الجيوش أو أي علامة عسكرية واحدة بين أبناء البيت الواحد لن تلقى رواجا أبدا! وهذا ما يؤكد الرغبة الحقيقية لشعوب المنطقة في نصرة وبقاء هذا الكيان لما يتمتع من رؤى وتراتيل تعطي طابعا أخويا اجتماعيا تنمويا من الدرجة الأولى.
سأقف عند هذا الحد على أمل الكتابة ونحن وخليجنا في أحسن حال.
حفظ الله خليجنا العربي من كل مكروه، والنهوض مبكرا من غيبوبة «خليجنا واحد.. مصيرنا واحد». وللحديث بقية.
m_alenezikw@