يواجه العالم منذ عام كامل جائحة فيروس كورونا المستجد التي انتشرت عبر العالم وأجبرت معظم دول العالم على الانغلاق على نفسها، نجحت دول وتعثرت أخرى، أزمة خلقت فوائد.. مصائب قوم عند قوم فوائد.. لكنها خلقت أزمات حقيقية في جميع القطاعات التعليمية والاقتصادية وعلى رأسها القطاع الصحي وأربكته بشكل كبير، أزمة كشفت حقيقة الحياة واحتقارها وحتى يرفع الله عنا هذا الوباء يجب علينا صدق اللجوء لله عز وجل بالتوبة والاستغفار وبالتوكل عليه في الأخذ بالأسباب والتي منها أخذ التطعيم.
أثر هذه الأزمة امتد وما زال يتمدد على النفوس البشرية وعلى صحتهم وعلى اقتصاداتهم ومعاشهم ومستوى تعليم أبنائهم وعلى حياتهم الطبيعية بشكل عام وعلى مصالح العباد والبلاد.
أزمة علمتنا ولا زالت تعلمنا أن علم الغيب عند الله وحده، وأننا كبشر نقف عاجزين أمام قدرة الله سبحانه وتعالى وأن فوق كل ذي علم عليم.
علمتنا الأزمة أن الصحة والأمن والغذاء نعمة من نعم الله علينا ونجحت جهود الدولة مشكورة إلى حد كبير في تنظيمها والمحافظة عليها، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من أصبح منكم آمنا في سربه عنده قوت يومه، فكأنما حيزت له الدنيا».
أزمة تكشف للأفراد والمؤسسات من استثمر حقيقة في وقته وعمله وأعاد ترتيب حساباته وخططه وخلق مصدات مستقبلية على المستوى النفسي والروحي والاجتماعي والثقافي والاقتصادي بما يخدم نفسه وأسرته ومجتمعه، ومن ضيع وقته وجهده وعاش بلا خطة ولا هدف إيجابي مستحق.
إن هذه الأزمة كما أنها بينت لنا أهمية وقوة وبسالة القطاع الطبي في الدولة بدءا من أول إداري وممرض إلى آخر فني وطبيب ومسؤول فيه لهم ترفع الأيدي بالدعاء وتلهج الألسن بالشكر والثناء، فقد بينت لنا أهمية وحاجة المعلم والتعليم في أسواره وأن استمرار إغلاق المدارس ودور القرآن والكليات والجامعات ضرره كبير، واليوم هناك العديد من الدول فتحت خيار الحضور للطلاب في المدارس وهناك من تسعى لفتح المدارس في مارس القادم.
كان من أشد وأصعب قرارات الإغلاق على النفوس وعلى القلوب في أزمة كورونا العام الماضي هو إغلاق المساجد والمصليات وخاصة في شهر رمضان المبارك، وإن أي فكرة تراود المسؤولين للتساهل في تكرار مثل هذا لخطيئة يجب الحذر من الوقوع فيها.
إن الدولة الناجحة لا تعاقب الكل بخطأ أو تقصير القلة، وسياسة - الشر يعم والخير يخص - هي باطلة ولا يستساغ استخدامها إلا على مجموعة أو فريق لتحميلهم المسؤولية، لا يجب أن تستخدم القرارات المتشددة والإغلاقات على قطاعات الدولة والمحلات التجارية بجميع أنشطتها وعلى مناحي الحياة لمجرد عدم القدرة على مخالفة من لم يلتزم فما ذنب الأغلبية الملتزمة بالاشتراطات الصحية التامة، قال تعالى: (ولا تزر وازرة وزر أخرى) الأنعام: 164.
والأصل هو العدل في الثواب والعقاب وعدم مؤاخذة أي إنسان بجريرة غيره وإلا سيقع الظلم على الكل بسبب خطأ وتقصير القلة المخالفة من أفراد أو مؤسسات.
إن من يعمل ويجتهد من الطبيعي أن يقع في الخطأ وله أجر بإذن الله، وليس عيبا الوقوع في الخطأ لكن العيب كل العيب الاستمرار في الخطأ وعدم الاستماع لنقد الباحثين والنقاد ونصيحة الناصحين.
كورونا أزمة في الحياة الدنيا سهل التخلص منها بالاستعانة بالله قولا وعملا وبالصلاة والدعاء والصبر وببذل الأسباب المادية والمعنوية لرفع البلاء والوقاية منه بحوله وقوته سبحانه.
ختام الومضة: كل إنسان فينا سيقرأ يوم القيامة كتابه اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا «الإسراء: 14» والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: «ما منكم من أحد إلا وسيكلمه ربه يوم القيامة، فينظر عن يمينه فلا يرى إلا ما قدم، وينظر عن شماله فلا يرى إلا ما قدم، وينظر بين يديه فلا يرى إلا النار تلقاء وجهه، فاتقوا النار ولو بشق تمرة».
mbrkwtdusari@