يحكى أن رجلا تعرض لحادثة في صغره أفقدته إحدى قدميه، فحصل على قدم اصطناعية تمكنه من السير، إلا أنه كان يعاني من العرج، وفي يوم من الأيام خرج هذا الرجل للتنزه، وقابل خلال نزهته رجلا أعمى ليصبحا أصدقاء ويبدآ بالتنزه معا، وصل الرجلان أثناء نزهتهما إلى نهر، فأرادا عبوره، ولكن أيا منهما لم يستطع عبور النهر وحده، فالرجل الأعرج تعيقه قدمه الاصطناعية، أما الأعمى فلم يستطع رؤية الطريق أمامه، ولم يجدا أمامهما حلا سوى التعاون بينهما، فحمل الرجل الأعمى الرجل الأعرج على ظهره، وبدأ الأعرج يدل الأعمى على الطريق واتجاه السير، وبذلك فقد عبر الاثنان النهر دون أي مشاكل.
أن تكون قائدا متميزا بالحكمة هو مفتاح النجاح وأن تصبح رجل دولة يتطلب ذلك ديبلوماسية عالية وحنكة وصبرا وتعاونا مع الجميع، لكن أن تصبح رجلا حكما يعتمد عليه في الرقابة والتشريع والتنفيذ، فيتطلب ذلك استشعارا بالمسؤولية وتحمل الأمانة ومراقبة الله في نفسك وفي أقوالك وأفعالك وبمن تتولى عليهم ويكون مصير المجتمع بيدك.
مع تشكيل الحكومة الثالثة لسمو الشيخ صباح الخالد، والثالثة ثابتة بإذن الله، ستكون ثابتة عندما تعمل بتوجيهات سمو الأمير بتطبيق القانون بحزم وشفافية والتعاون مع السلطة التشريعية لحماية المال العام والتصدي للقضايا الجوهرية، ثابتة إذا التزمت بالتخفيف على المواطن وحل قضاياه ماديا ومعنويا، ثابتة إذا دعمت أبناءها في القطاع الخاص كأصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة والمسجلين على البابين الثالث والخامس للمحافظة على دعم الاقتصاد المحلي، ثابتة إذا ابتعدت عن تخويف الناس بسالفة صعوبة راتب الشهر القادم، ثابتة إذا استطاعت تجاوز وإنهاء ملفات مرحلية مهمة منها الإصلاحات الاقتصادية والمصالحة الوطنية والحريات وقانون الانتخابات، ثابتة إذا استطاعت بحنكة سياسية كسب أعضاء مجلس الأمة وليس خسارتهم، ثابتة إذا استطاعت خلق ثقافة جديدة تظهر للناس السعي الجاد للحكومة بإصلاحات حقيقية وإنجازات واقعية وتخطيط ورؤية واضحة.
وبعد تلك الأشهر الماضية والكل شاهد ويشاهد منذ جلسة الافتتاح ما يحدث تحت قبة البرلمان، لذلك على رئيس وأعضاء مجلس الأمة تحمل المسؤوليات، كما يجب معه حل الخلاف الداخلي بين الرئيس وأعضاء المجلس بالجلوس على طاولة واحدة وتجاوز الخلافات السابقة والنظر في مصلحة الكويت الكبرى، كما نرجو منكم ونحن نعرف حسن الهدف وبعد المقصد الطيب عند الأغلب إن لم يكن الكل، التغيير الحكومي قد لا يكون مرحبا به من الكل لكنه تغيير لإظهار حسن النية يتوجب معه رد التحية بأحسن منها، والتهدئة والحكمة والتعاون المنشود مع رئيس وأعضاء الحكومة مهم - لا تكن لينا فتعصر ولا صلبا فتكسر - خذ وطالب والسياسة فن الممكن.
الشارع الكويتي يتطلع للتشريع والرقابة والإنجاز لما فيه صالح الوطن والمواطن، ليس بالضرورة تحقيق مكاسب من الجولات الأولى وهذه بوادر بعض الجولات اليوم لصالحكم كأعضاء لمجلس الأمة، وتصحيح الأخطاء يتطلب الصبر والمتابعة واستخدام أدوات الرقابة يجب أن يكون متجردا ومنضبطا بأخلاقيات دون السعي لمكاسب شخصية.. اليوم على الأغلبية التي أوصلها الشارع الكويتي لقبة البرلمان المحافظة على المكتسبات والسعي للإصلاح وتحقيق الإنجاز بلغة هادئة وحكمة بالغة والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه ومجتمعه.
ختام الومضة: من أهم القضايا الإنسانية التي تتطلب تضافر الجهود بين السلطتين التشريعية والتنفيذية وحلحلتها هي قضية أبناء الوطن البدون يجب وجوبا شرعيا وإنسانيا وأخلاقيا حل الوضع مع خطة واقعية للتنفيذ، وأقترح حتى تحل هذه القضية حلا كاملا أن تتم معاملة البدون معاملة الكويتي في جميع الدوائر الحكومية وعلى رأسها الصحة والتعليم مدارس وجامعات وفتح التوظيف لهم في القطاعات الحكومية التي تتطلب تعييناً خارجياً. والله الموفق.
mbrkwtdusari@