كثر عزوف الشباب والفتيات عن الزواج لما يشاهدونه ويسمعونه كل يوم عن حالات الطلاق والانفصال التي تحدث بمجتمعنا بشكل خاص والمجتمعات التي حولنا بشكل عام.
قرأت عن إحصائية صادمة نشرتها وزارة العدل الكويتية عن وقوع 964 حالة طلاق في شهرين فقط، طلاق وانفصال وابتعاد وتشتت الأبناء ومحاكم ونفقة إلزامية وبغض وحنق وضغينة وحقد وحسد وتنافر بين الطرفين، والله عز وجل يقول: (ولا تنسوا الفضل بينكم).
أصبح الطلاق سمة سائدة، وأمرا شائعا، لدى جميع طبقات وفئات المجتمع، يكاد لا يخلو بيت من مطلق أو مطلقة، فما كان مستنكرا ومستبعدا ونادرا بالماضي أصبحنا نعيشه ونراه ونسمع به كل يوم، نسب الطلاق في ازدياد، ونسب المنفصلين في اطراد، وفرض علينا واقع مرير علينا أن نتعايش معه.
الحديث عن الطلاق مؤلم للروح، ومرهق للذهن، ومتعب للعقل، فهو يعيد أشجان الماضي، ويفتق جروح قد التأمت (برأت)، ويعيد ذكريات يريد من تجرعها أن ينساها.
الطلاق أصبح حديث المجالس العامة، ولم يعد حبيس الغرف المغلقة، أصبح المطلق لا يدري لم أقدم على هذه الخطوة، والمطلقة لا تدري لماذا طلقت، والأبناء لا يدرون لماذا أصبحوا فجأة يعيشون مع أحد الأبوين دون الآخر.
أصبحت كلمة (طالق) سهلة بعد أن كانت صعبة، وأصبحت متداولة بعد أن كانت كاسدة، وأصبحت على لسان الجميع الشاب قبل الكهل، لم يعد لها الوزن والثقل السابق (للأسف).
المحاكم تشتكي من عدد الحالات، والأسر تئن من عدد المطلقين، والأطفال مجروحون من فراق الأبوين، والدولة ترزح تحت وطأة هذا الأمر الذي زاد وانتشر وأصبح يهدد نسيج المجتمع بشكل عام وتكوين الأسرة بشكل خاص.
الحديث عن الطلاق متشعب، فالأسباب تختلف والأعذار تتباين، ولكن هل الأسباب مقنعة والأعذار حقيقية؟ حينما يتسرع أحد الطرفين بالطلاق أو الخلع من دون صبر وتأن ونظر للعواقب وللآثار المترتبة على ما أقدم عليه، حينما يقصر نظر أحد الطرفين على المصلحة الآنية القريبة ويغض الطرف عن المصلحة الدائمة البعيدة، حينها تعرف أن الأمور لا تسير على ما يرام.
يقول أحد الدارسين الاجتماعيين في سورية إن نسبة الأمية في دير الزور قريبة من 100% ونسبة الأمية في دمشق صفر، ونسبة الطلاق في دير الزور صفر، ونسبة الطلاق في دمشق 12%، المدنية والمال والتعليم والإعلام والمحيط والأصدقاء، كلها أدوات ووسائل ساهمت في ازدياد حالات الطلاق (أحيانا).
الطلاق وضع كحل نهائي لعدم وجود نقاط التقاء بين الزوجين فهو طلاق، وفراق، وسراح، وفي هذا يقول المولى عز وجل
(.. فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان)، فالطلاق قد يكون إلى أمد فترة ثم تعود العلاقة كما السابق وربما أقوى بعد أن جرب الطرفان قسوة الفراق، وقد يكون إلى الأبد بطلاق بائن لا رجعة فيه.
الطلاق لا يعني بالضرورة أن أحد الطرفين به نقص أو خلل، فهو هو حل إذا عدمت الحلول، وهو فرصة لبداية جديدة إذا انتهت الفرص، وهو رحمة من الله عز وجل إذا انتزعت الرحمة من أحد الطرفين، فالطلاق قد يكون حلا وفرصة ورحمة من الله عز وجل.
كثر في المقال وضع بعض الكلمات والجمل بين قوسين (.) فالحديث عام والكلمات ليست بالضرورة أنها تمس أو تلامس أحد بعينه، فقد يكون المطلق سيئا والابتعاد عنه رحمة، وقد تكون المطلقة سيئة والابتعاد عنها واجب.
[email protected]