(إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب).
اتخذ من هذه الآية الكريمة نهجا يسير على خطاه نحو طريق الإصلاح والفلاح لخدمة البلاد والعباد، كان ومازال أطال الله في عمره ومده بالصحة والعافية يواصل الليل بالنهار احتراما لثقة صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد، حفظه الله ورعاه وإيمانا من سموه بالمسؤولية الملقاة على عاتقه.
إرضاء الناس كل الناس أمر صعب للغاية، لذلك تحمل سموه كل الانتقادات القاسية بصدر رحب احتراما لمبادئه التي يعتز بها، وحرصه على علاقته حتى مع خصومه من السياسيين، لم يذهب للقضاء قط أسوة بالآخرين لرفع القضايا على بعض الفلاسفة الصغار الذين لا يقدرون أو يجلون وقار الكبار، بل ترفع سموه عن صغائر الأمور تلك متسلحا بالحكمة والاتزان في التعاطي مع مجريات الحياة السياسية دون كلل أو ملل.
عبر عن استيائه لتراجع الكويت في مؤشر مدركات الفساد العالمي لعام 2017 في إشارة للتعاطي مع القضايا بشفافية للرأي العام، إلا أن ثقافة البعض لدينا لا تفقه في مثل هذه الأمور!
ورغم ذلك حرص سموه على ضرورة تعديل الوضع، وشدد على تطبيق معايير النزاهة والشفافية واحترام القانون حتى ترتقي الكويت إلى المكانة المستحقة.
وإن دل ذلك على شي فإنما يدل على حرص سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ جابر المبارك على محاربة الفساد والعمل بجد وإخلاص للقضاء على المفسدين رغم الحروب المعلنة والخفية التي تحاك ضده، فهو لا يملك العصا السحرية للقضاء وحده على الفساد بين يوم وليلة، في ظل وجود مجلس أمة مختطف لا يملك قراره، باستثناء قلة من النواب لم ولن يؤثروا على بطش كبار المتنفذين ومنعهم من استمرار مسلسل الفساد.
كلنا يعلم أن الفساد ظاهرة إنسانية قديمة في الأمم ولا يكاد يخلو عصر من العصور من ذلك، كما أن الفساد سبب كل تخلف يصيب العباد!
وهناك من يعتقد أن محاربة الفساد أمر سهل للغاية، لاسيما في الكويت في ظل وجود كبار المتنفذين المحترفين الذين يعرفون طرق ودهاليز الفساد جيدا، بل ويجيدون كيفية إزاحة المتصدين لهم وفق أساليب «جهنمية»، حيث يملكون كل الأدوات والمقومات التي يستطيعون من خلالها الإطاحة بأي وزير إصلاحي واستبداله بآخر وفق أهوائهم!
ويتفننون في عرقلة مشاريع التنمية التي لا تتماشى مع مصالحهم الشخصية، بل يتفاخرون بعملية خطف المشاريع العملاقة بكل براعة لكن للأسف دون إنجازها!
ما يحز في النفس أن «الشمس ما تتغطى بمنخل» ورغم ذلك يكون هناك هجوم مبرمج على جابر المبارك لشخصه رغم تأكيده مرات عدة على أهمية التعاون بين السلطتين، لكن ذلك لم يعجب من يريدون استمرار الفساد، وهنا تقع المسؤولية الكبرى على الناخبين الذين ساهموا في وصول مثل هؤلاء النواب الذين لا يحرك اغلبهم ساكنا بل حسب التعليمات وفق «الريموت كنترول» دون أدنى مسؤولية من لدن من يحركه!
وهناك من يرمي سهام الاتهام على رئيس الوزراء في ظل تفشي الفساد، رغم أن سموه ساهم في إقرار قانون إنشاء الهيئة العامة للنزاهة الذي يستهدف مكافحة الفساد وملاحقة مرتكبيه واسترداد الأموال الناتجة عنه والكشف عن الذمة المالية ومعالجة تعارض المصالح، وذلك حرصا من سموه على الاحتكام إلى الدستور وإرساء دولة القانون والعدالة والمساواة بين المواطنين وأعمال مبدأ تكافؤ الفرص والعمل بشفافية واحترام الحريات وحقوق الإنسان ومكافحة الفساد!
وبعد ذلك كان سموه من أوائل القياديين الذين سلموا كشف الذمة المالية لهيئة مكافحة الفساد، لكن للأسف هناك من لا يريد الإصلاح بل يرغب في مزيد من الدمار لهذا البلد ويتخذ رئاسة مجلس الوزراء ذريعة له!
وهنا المسؤولية العظمى تقع على عاتق أعضاء مجلس الأمة كافة، وتحتم عليهم احترام القسم والذود عنه دفاعا عن الفساد بالتعاون مع الحكومة في إقرار القوانين بدلا من ان يغض الغالبية العظمى البصر منهم والسكوت عن الممارسات الخاطئة التي يلمسونها في حياتنا اليومية وأهمها النهب وسرقة المال العام في وضح النهار!
إن استمرار ذلك النهج يا سادة أمر خطير وان تفتح الأبواب أمام «نافخي الكير» للاصطياد في الماء العكر، واستمرار مسلسل «فرق تسد» بين أبناء الأسرة الحاكمة أمر مخزٍ للوصول إلى أهدافهم واختراق مجلس الوزراء بعد أن ضاقت جيوبهم من نهب المال العام، لذلك كان السكوت مريبا للغالبية العظمى في البرلمان.. ولا عزاء للمواطنين!
[email protected]
M_TH_ALOTAIBI@