أحيانا قد لا يشعر الإنسان بعظمة وقيمة النصيحة، لاسيما عندما تكون صادرة من الكبار، حيث لا نعلم ظروف الحياة وتقلباتها وأصداف وأقدار الزمان، لذلك كنا نستمع للنصيحة جيدا وندونها في قلوبنا قبل عقولنا كي نطبقها ونقتدي بها في كل مكان وزمان!
وعندما يرسم لك ولي أمرك (والدك) خارطة طريق دون ان تعلم وتتضح لك الرؤية جلية وبعد النظر لهذه النصائح والتعليمات مع القادم من الأيام وتتذكرها في كل موقف تعيشه أو تراه أو قد تسمعه!
والدي رحمة الله عليه توفي عندما كنت شابا يافعا ذا الـ 18 ربيعا، لكن بفضل من الله تلقيت منه نصائح وتعليمات كثيرة عندما كنت أتناوب وأشقائي لمرافقته في المستشفى قرابة عام ونيف العام، حيث في كل ليلة كنت استمع لتلك الدروس بطريقة غير مباشرة، عندها لم أكن أعرف ان والدي كان يوجهني لتلك الخارطة وكيفية التعامل والتعايش والتصرف في حياتي اليومية!
وبعد وفاة والدي رحمة الله عليه وغفر له عرفت انه كان يسابق الزمن ليرشدني الى طريق الصواب من جهة ويصارع المرض من جهة أخرى، حتى يدرك انه قد زود ابنه بما يمليه عليه ضميره الأبوي!
بعد مرور السنوات شعرت بعظمة تلك النصائح حين تطبيقها وتنفيذها عند الأمر الواقع، والفوائد التي جنيتها من هذه الدروس ومدى تأثيرها في حياتي اليوم!
اليوم يتكرر السيناريو بعد ان حباني الله بالأبناء والبنات ولزاما علي أن أقدم تلك النصائح لأبنائي مع اختلاف الظروف الحياتية الآن، الا انني أكرر ما قاله لي والدي، رحمه الله، وتركيزه على تأدية الصلوات في أوقاتها، والتزام الصمت فإن الصمت حكمة أحيانا لاسيما في الدواوين وخلافها، والحديث في الوقت المناسب دون الإطالة والهذرة المملة، وحب لأخيك ما تحبه لنفسك إيمانا بالحديث الشريف، وعند الامتحان يكرم المرء أو يهان، والحرص على احترام الكبير والعطف على الصغير، وحسن التعامل والتواضع وعمل الخير في كل يوم دون الإفصاح عنه لكائن من كان وتحسبه خالصا لوجه الله سبحانه وتعالى، مع التسامح والتراحم والجود والكرم!
ولا أنسى كلام والدي عندما قال لي «الرجل يقاس بخلقه واتزانه وتصرفاته ولا يقاس بكبر سنه»!
ونصيحتي لبعض الآباء البعيدين عن أبنائهم بضرورة الجلوس معهم ومدهم بالنصائح والمواقف بعد أن انحرفت بعض المجالس عن جادة الصواب وشغلهم الشاغل وسائل التواصل الاجتماعي والقيل والقال عن فلان وعلان، عكس المجالس والمدارس السابقة التي كنا نرتادها لتزودنا بالعلم والنصيحة وعلوم المرجلة!
كذلك لا أنسى دور الأم الوالدة اطال الله في عمرها ومدها بالصحة والعافية التي كانت تتابع وتراقب تحركاتنا عن بعد ومن ثم محاسبتنا باللين وحسن الكلام وتصحيح الأخطاء إذا وجدت وتقويم الاعوجاج!
مختصر مفيد: الحياة مدرسة نتعلم منها كل يوم، قد نخطئ دون قصد لكن علينا إدراك وتصحيح الأخطاء في حينها، وقد نختلف لكن يجب ألا تصل الأمور إلى الخلاف في كل شيء!
وعلينا ألا نحمل ضغينة لأحد مهما كلف الأمر، وان ننظر للحياة بتفاؤل طالما نحن نؤمن بالله العلي القدير وعلى يقين تام بأن الله القادر على كل شيء «كن فيكون».
وان نحرص على التسامح فالحياة زائلة.. قال تعالى (اعلموا إنما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر في الأموال والأولاد كمثل غيث أعجب الكفار نباته).
[email protected]
M_TH_ALOTAIBI@