شيء مفزع ومحزن ما فعلته إسرائيل بقافلة الحرية المتجهة الى غزة لتقديم العون والمؤازرة لاخواننا أهالي غزة المحاصرين، لم تكن القافلة بارجة حربية لتفعل بها اسرائيل ما فعلت، بل كانت رحلة سلام لغرض انساني مشروع في مساندة شعب يعاني الأمرين، وانعكست نتيجة الاعتداء السافر على القافلة حيث ازداد التعاطف الدولي مع شعب غزة واستنكر بشدة ما يفعله جنود الاحتلال.
لقد جمعت قافلة الحرية كل الأطياف من العديد من البلدان العربية والاسلامية بما يؤكد الاحساس العام بالظلم والعدوان الذي يعانيه الشعب الفلسطيني واستمرار التعنت الاسرائيلي والتجبر، وتلك الحقيقة اصبحت واضحة في أذهان الجميع حتى ان بعض الدول التي تسمى صديقة لإسرائيل أو تتعاون معها في أي من المجالات ضاقت ذرعا بهذا الظلم الأرعن.
ومما يثلج الصدور ذلك الاستقبال والتقدير الذي احاط بعودة الكويتيين المشاركين في رحلة السلام الى غزة ومن بينهم المحامي مبارك المطوع ود.وليد الطبطبائي الذي يقال انه كتب وصيته قبل قيامه بهذه الرحلة مما يعني التصميم والعزيمة على تلك المشاركة مهما كان الثمن مما يؤكد عمق الترابط والمشاركة الوجدانية بين شعوب الأمة العربية والاسلامية قولا وفعلا وان الجميع مصمم على عودة الحقوق لأصحابها والحفاظ على هيبة ومكانة المسجد الأقصى.
كما قامت مصر بفتح معبر رفح ردا على تلك الاعتداءات الاسرائيلية والاستفزازات المتزايدة تجاه المحاصرين في غزة، وهي خطوة تلقى كل الترحيب ونتمنى ان تتوالى لتخفيف الأعباء وتوفير الاحتياجات وإتاحة الفرصة للمرضى والعالقين للخروج من أزمتهم.
وأهم ما يسترعي الانتباه هو الموقف التركي الذي يمثل ثقلا مهما في هذا الصراع كنا نتطلع اليه، حيث ان تركيا الآن غير الماضي فقد اصبحت محورا مهما وفعالا في الصراع العربي ـ الإسرائىلي وفي جميع المشاكل والأحداث التي تعج بها منطقة الشرق الأوسط، وهذا يعني ان المستقبل في حل مثل هذه النزاعات سوف يمر عبر تركيا حيث انها يوم بعد يوم تبدي مشاعر وسلوكيات تعكس حجم التعاون والدعم التركي لقضايانا.
ولكن الشيء المؤسف هو غياب الدور الأميركي في الضغط لمنع اسرائيل من مزاولة هذه الانتهاكات ومن قبله تلاشي الوعود الأميركية بالمساعدة لقيام دولة فلسطينية وحل المشكلة، وقد شعر الجميع بالإحباط تجاه عدم قدرة أميركا على تنفيذ وعودها في عهد باراك أوباما التي كنا نعول عليها بعض الآمال.
ولا ننسى دور مجلس الأمة الكويتي والذي يدعو للانسحاب من مشروع مبادرة السلام العربية، رغم ان الحكومة الكويتية متمسكة بتعهداتها بالالتزام بمشروع السلام، ومجمل الأحداث تؤكد ضرورة إعادة التفكير في سياسة التعامل مع اسرائيل بعدما وصلت كل الحلول الى طريق مسدود، فإلى أين ستصل الأمور؟ وعلى الجانب الآخر فإن هذا الاعتداء على اسطول الحرية سوف يزيد من العزيمة على مواصلة هذه الجهود واكتساب المزيد من التأييد العالمي وستظل رحلة السلام مستمرة حتى يتم رفع الحصار الظالم عن شعب غزة.