نافع الظفيري
لا شك في ان التباطؤ الذي تشهده مسيرة التنمية الاقتصادية والاجتماعية بالكويت في تصاعد، وبالتالي فإن الانعكاسات السلبية في تزايد مستمر تكاد تطول جميع مناحي الحياة الاقتصادية والاجتماعية، ومن المؤسف ان هذه الظاهرة مستمرة منذ فترة طويلة، ويوما بعد يوم تتراكم المعوقات خاصة مع ما يشهده العالم من التأثيرات العاصفة للأزمة المالية العالمية وانعكاساتها الخطيرة، وكأننا لم نكتف بكل هذا الكم من العوائق، واستغرقتنا الأحداث الأخرى وجرفتنا بعيدا عن مسيرة التنمية وعن مواجهة الأخطار الاقتصادية المحدقة بنا، فأخذنا نستغرق تماما في موجة التهديد بالاستجوابات وتعرية الآخرين وتضخيم المشاكل والسلبيات وتاهت وتشتت الجهود وتوقفت عجلة التنمية.
ونحن والحمدلله لدينا ديموقراطية رائعة، ولا ننكر ان الاستجوابات حق دستوري يعكس عمق هذه الديموقراطية، وكنا نتمنى ألا تكون لممارسة هذه الحقوق الدستورية انعكاسات سلبية تعوق مسيرة التنمية، ولكن الواقع ان الحكومة من وزراء ومسؤولين لم يعطَوا الفرصة لمواصلة جهودهم في الدفع بمسيرة التنمية ومواجهة العوائق، وان بعض الوزراء ما ان يستهل تولي منصبه حتى تنهال عليه المواجهات والتساؤلات ثم الاستجوابات ودليل ذلك ما نراه من استقالات للمسؤولين أو الحكومات، وأصبحت الاستجوابات «بعبع الجميع» وقد سمعنا ان البعض يعرض عليه التوزير ويعتذر تحسبا لما قد ينتظره من محاسبته عما قام به غيره من وزراء سابقين.
وقديما قالوا «كل شيء اذا زاد عن حده انقلب لضده» وهذه المقولة متعارف عليها، فلابد ان تكون هناك توازنات، فلا تكون الاستجوابات عائقا عن استمرار مسيرة العمل والإنجاز في عملية التنمية، وان نشجع الايجابيات، فلم يكن في بال احد ان العالم سيواجه أزمة مثل أزمة الغذاء وارتفاع الأسعار ثم تعقبها أزمة مالية عالمية تعصف بأسواق المال وتطول شتى مناحي الحياة، مما جعلنا في حاجة لجهود مضاعفة للتحريك الاقتصادي والاجتماعي.
وللحظ السيئ فإن الكويت ما كادت ترفع شعار الاقتصاد للمرحلة المقبلة حتى داهمتنا كل هذه الأمور، ولا يجب ان تتوقف الجهود، فلا ندري حجم المعوقات التي قد تداهم العالم مستقبلا، فمن الأفضل ان نفكر في آلية عمل وطنية محورها الأساسي هو ضمان استمرار مسيرة التنمية بالتوازي مع مسيرة الديموقراطية ومحاربة الفساد، وان تتضمن تلك الآلية التأكيد على ان يكون العمل مؤسسيا وليس شخصانيا بمعنى العمل بسياسات القطاعات الحكومية وليس بأشخاص المسؤولين حتى لا يكون الإنجاز مرتبطا بالمسؤولين فقط، وان تتكاتف جهود المؤيدين والمعارضين والجميع في سبيل المصلحة العليا للوطن والمواطنين، والله الموفق.