نافع كساب الظفيري
ليست الكويت وحدها التي تشهد تزايد وتعالي اصوات المطالبين بضرورة مراجعة المناهج التعليمية والتربوية في الهيئات والمؤسسات التعليمية لديها، فالكثير من دول العالم، ان لم يكن اغلبها، تسودها هذه المطالبات، ويعود تزايد حدة نبرة المطالبة بتعديل المناهج بالكويت هذه الايام على وجه الخصوص الى ادعاءات بوجود وقائع محددة تشملها بعض هذه المناهج تؤثر على الترابط المجتمعي واثارة العصبيات.
ولكن فوق كل ذلك الكويت بحاجة الى مزيد من الاهتمام بالتعليم والابحاث العلمية بشكل فعال، فالدول المتقدمة حريصة على دعم جهودها وتوفير الامكانات والتكاليف المالية العالية للصرف على التعليم والابحاث ودعمها بكل الطرق والوسائل واعطاء اولوية لهذا التوجه في التخطيط المستقبلي لهذه الدول وشعوبها.
فمن المسلمات ان المناهج الدراسية تعد المحور الاساسي لمكونات العملية التعليمية، وبالاضافة الى التأهيل التربوي والتعليمي المستهدف منها، يجب ان تستهدف بشكل حيوي دعم القيم والاخلاق والمبادئ لدى المتعلمين، لدعم روح الانتماء الوطني وتقوية مشاعر الترابط والاخاء والتكافل الاجتماعي، وان تدعو الى نبذ التعصب او العصبية والتباغض، كما انه يتحتم ان تكون متواكبة مع روح العصر، تستجيب لمستجدات التطورات المتلاحقة في عصر التقنيات الحديثة وثورة الاتصالات والمعلومات وما يشهده العالم من احداث وازمات جسام وتأثيراتها على مجمل الاوضاع.
ومن هذا المفهوم تحتاج المناهج الدراسية دوريا الى تقييم شامل يراعي كل هذه الامور كمحاور اساسية فيما يجري عليها من تطوير وتغيير سواء بالتعديل او بالحذف لتحقيق الاهداف المرجوة من العملية التعليمية بالشكل الامثل وبالتواكب المطلوب مع طبيعة العصر الذي نعيش فيه، والتي منها على سبيل المثال ان علوم الحاسوب واستخداماتها والمعلوماتية فرضت نفسها على الحقل التعليمي، وكذلك اتفاقيات التجارة العالمية (الجات) وازمات اسواق المال والازمات المالية والاقتصادية وازمة الغذاء والكوارث البيئية والطبيعية وازمة الامراض والاوبئة التي تجتاح العالم، والكساد وتزايد معدلات البطالة، كلها امور اصبحت في محور الاحداث العالمية في عصرنا الحالي.
ومع احترامنا وتقديرنا لكل الجهود السابقة التي شهدتها عمليات تطوير المناهج الدراسية في الكويت، الا اننا في حاجة الى جهود اكبر بكثير تتفق وحجم التطلعات المستهدفة من حيث الخبرات والكفاءات ومن حيث المعلومات والبيانات ومن حيث الامكانات والوقت اللازم للانجاز، والا تكون المعالجة موضعية او جزئية وان تخضع للاستطلاع والحوار قبل اقرارها، بحيث يكون للجهات الفنية المختصة بالكويت برنامج وآلية عمل جديد وطموح لمواكبة ما يستجد من تطورات واحداث وتسجيل كل ما يتعلق بها، وتكون هذه الجهة معنية بتنفيذ المراجعة الدورية للمناهج التعليمية عندما يحين وقت التقييم والمراجعة الدورية لهذه المناهج.