كشفت وزارة العدل أن قضايا الجنايات الواردة للنيابة العامة خلال 2022 بلغت 8610 قضايا، تتلخص بقضايا قتل وجرائم خطف، مخدرات ومؤثرات عقلية، انتحار أو الاعتداء على النفس، والسؤال الذي يطرح نفسه: لِمَ كل هذا العنف؟! هل هو بسبب غياب الدور التربوي للاسرة أم لنقص في مناهج التعليم لخلق جيل واع لما له وما عليه تجاه القانون والمجتمع، لما يفرضه من عُرف وعادات وتقاليد؟ ام نظرا لغياب الوعي الاعلامي سواء التلفاز او الميديا او اجهزة التواصل الاجتماعي؟ يجب ان تصل يد الاعلام لكل ما يتداوله الشباب كي يتجملوا بالأخلاق وحسن التصرف من خلال حملات توعوية وتسليط الضوء على مواطن الضعف والقصور في نشأة الشباب، والمثلث المسؤول هو وزارة التربية ووزارة الاعلام ورب الاسرة، هم المسؤولون امام الله والمجتمع عن التنمية البشرية الحقة للنهوض بهم لمستقبل يتسم بالاستقرار، لما لبناء الانسان من اولوية في الاسرة والوطن.
نعم لتغليظ العقوبة، لكن تأتي بعد تدريسها بالمناهج وتوعية الطلبة (المرحلتين المتوسطة والثانوية) على ما ينص عليه القانون في حال وقوع المشكلة وتبصيرهم مع توضيح عقاب كل مشكلة، وما يترتب عليها من عقاب قانوني وضياع لمستقبل الطالب لو لم يلجأ للقنوات الصحيحة ليسترد بها حقه.
هذا الوعي التربوي والقانوني والاعلامي سيجعل الشباب في منأى عن المخاطر، صونا لمستقبلهم كونهم عماد مستقبل أوطانهم.
قد تتساءل: ما الفرق بين الاسرة في الماضي والحاضر؟ في الماضي كانت وسائل الترفيه محدودة وبالتالي رقابة الأبناء سهلة بجانب وجودهم بصفة مستمرة تحت نظر الآباء، مما يتيح نقل عصارة تجاربهم لأبنائهم، بما يجعل لديهم نضج مبكر، وكانت الاعراف الاجتماعية تسيطر على البيوت، فكل يريد السمعة الطيبة لأهله، فنجد الشباب ينأون بأنفسهم عن المشاجرات او حتى المشادات الكلامية، اما لو نظرنا للاسرة اليوم فتجدها فقدت السيطرة على ابنائها، وذلك لكثرة تواجدهم خارج المنزل و«الصاحب ساحب»، فضلا عن انشغال الوالدين بالأحوال الاجتماعية والعمل، مما ادى لوجود فجوة بين الطرفين، وقلل فرصة نقل الخبرات والنصيحة، وبالتالي زاد ضياع الجيل الحالي واخذ باللجوء للميديا اكثر من اللجوء لوالديه، بجانب قلة الصبر والوازع الديني، مما يجعله فريسة سهلة للوقوع بفخ المخاطر ومن ثم تطبيق القانون عليه، وينتهي به المطاف خلف القضبان.
إذن، لنلتفت لأبنائنا ونحتضنهم ونقدم لهم النصيحة والارشاد في كل وقت ونحذرهم من صديق السوء مع متابعة البرامج التربوية الهادفة، سنجد في نهاية المطاف من التأسيس وعبر سنوات المراهقة جيلا مدركا لكل خطوة ودون الحاجة للمراقبة، وكما قال ابن المقفع: اذا رأيت شيئا حسنا أتيته، وان رأيت شيئا قبيحا أبيته.