نجاة الحجي
يحب المثقفون والعلماء الإطلاع والإلمام بكل ما يجري حولهم من لقاءات وتأملات وتصورات، ولعل قراء مقالي السابق حول فلسفة المثالية في مبدأ متميز وحاذق وإرادة قاهرة للقوم يسعون إلى قراءة خاطرة أخرى خير ما فيها المثالية الناطقة بالحب والبذل والعطاء، تلك المثالية التي قد يسميها عدد من بني البشر إنها انحيازية أو مركزية، الأمر الذي ترفضه الأمة البشرية قلبا وقالبا.
ولكنني إذ اقرأ كتاب «اليوتوبيا» لمؤلفه ميكيافللي يعتري قلبي حب البذل والعطاء، في إطار مجتمعنا الصغير مع التذكر بان القيام بما يدعو إليه «اليوتوبيا» يجعل الفرد يشعر بأنه مثالي وأيضا يراه الآخرون شفافا، بل وقابعا في وسيط الشفافية حتى انه يلقب باليوتوبيان.
ولعل ما يخالج ذاتي في هذا الاعتبار المنيع الصامد الذي يصفق له كثيرون أراه أنا في واقع المجتمع غير مألوف، حيث أن الجمع الهائل من الناس مشغول دائما بأمور حياتية متشرذمة تنفث منها المشاكل والأزمات، فتجد عائلة منهارة وأخرى متوائمة وثالثة غير سوية.
ولنا في السلف الصالح على هذه الأرض الطيبة قدوة ومثل فما أن كانوا ينتهون من سماع الأذان حتى نراهم في قلب المسجد، وغالبية هؤلاء أن لم يكن كلهم يتميزون بالالتزام والتقدير والتهادي وحب الأسرة وإتقان العمل، فترى اليوم في حياتهم منصفا بين أداء المهام والارتياح في إطار الأسرة ليرى الواحد منهم السعادة كاملة ولا أود أن أطيل في نظرية الإنسان العالم واليوتوبيان ميكيافللي، فكفى الفرد منا ـ ذكرا كان أو أنثى ـ أن يبصر الله في الأداء والأخلاق والأعمال والإخلاص حتى لا يتشرذم المجتمع ويقبع تحت الأرض كأسفل سافلين.