ناصر الخالدي
عندمـا يتنفس الصـبح وتخلع ثيـاب الكسل وتلبس ثيـاب النشـاط والحـيـوية تأكـد من أن هناك أناسـا لم يذوقوا طعم النوم ولم يعرفوا معنى الراحة فليلهم سهر مع المرض والتنهـيد وصبـحهم مـوعد مع الهـموم، وإذا ركبت سـيارتك فـتذكـر أن هناك رجلا يقف على قـارعة الطريق ينتـظر البـاص وامـرأة تبـحث عن أرخص ثمن تدفعه إلى سائق الأجرة وهناك بؤسـاء لا يجدون مركبا فيركـبون أرجلهم ويقطعون المسـافات الشاسعـة بحثا عن مـقـومـات الحـيـاة التي بين يـديك، وإذا ذهبت إلى وظيفتك فلا تحزن من الروتين ومـن طبيعة العمل، انظر إلى عـدد العـاطلين عن الـعـمل ولو سـألت أحـدهم عن الوظيفة التي يتمناها لعلمت قـيمة العمل، وإذا عدت من العـمل ورأيت المائدة وما علـيهـا من خيـرات ونعم ولم تشتـه منها نفسك شـيئا فـاعلم أن هناك آلافا من البـشر يهددهم الجـوع فيسلب أعمار بعضـهم ليبـقى البعض الآخر في دائرة الصراع والبحث عـن آخر فرصة تؤهلهم للبقاء على قيد الحياة.
لا أدري أي سـر هذا الذي يوجـد بالبـقاء، فـالبـعض يشتكي من الحيـاة ويتطاول على الأيام فيشتـمها ثم إذا ألم به مرض رأيتـه يتمنى الشـفاء ويسعـى له المساعي الحثـيثة وكـأنه لم ير من الحيـاة العلقم المر، وهكذا هي الروح دومـا غاليـة وهكذا نحن البـشر نطمع بالأفـضل ونريد الأحسن مادامت هناك مسـافة تبعدنا عن الخطر، وفي كل الأحوال نحن بخـير، فأنت تقـرأ الكلمات وتنظر على الدنيا بعينيك الجميلتين وغيرك يعيش في أحضان الظلام البهيم، وقـد تسمع الأصوات وتستشعـر حسنها وتناسقها وغيرك يعيش على الإشارة.
حاول أن تسافر عبر أجنحـة الكتب لتقرأ عن المجاعات التي هزت التاريخ وستعرف انك في نعمة عظيمة تحتاج إلى الشكر، وقـد سـمـعت أكثر من مـحـاضرة للـداعيـة عبدالرحـمن السميط عن مشـاهداته في أفريقيا فاقـشعر بدني مما سمـعت فهناك الجوع ينتشـر ليخلف من ورائه الخوف الذي طالما عانق الوجوه الأفريقية التي لم تستطع المجاعة بقـسوتها أن تنال من ثباتهم وصبـرهم، فالإسلام ينتشر رغم كل شيء، والمساجـد تبنى ولله الحمد ومادام لأهل الخير بقاء فأملنا أن يستمر العطاء.
حاول أن تـتمـعن في قصص المسـاجين الذين دخلوا إلى السـجـون لا لجـريمة ارتكـبـوها، بل ظلمـا وزورا ليتركـوا زوجاتهم مع الوحدة وأولادهم مع الأمل الذبيح وستـعرف انه ولله الحمـد هناك مساحـة كبيـرة للفرح فأنت مازالت تتـمتع بالحرية هذه النعمـة العظيمة التي لا يعرف قيمتهـا إلا من سئم من النظر إلى وجه السجان وملت أذنه من سـمـاع رنين السـلاسل والأغلال. . وجـه السـجان الذي يبـعث الخـوف والرعب ولو كان يحـمل الطيـبـة والحنان وصـوت السـلاسـل الذي تسـيل منه الدموع ولو كانت السلاسل من أجود المعادن.
أتدري أن الفـجـر الجمـيل يخـرج من أعماق الظلام المخيف؟ فـأنت لو رأيت الليل وعتـمتـه دون أن تعرف أن هناك صبحـا سيولد من رحم هذه العتمـة لأقسمت بأنه لا أمل في الخــروج من هذا الكون الأسـود الدائـم السـواد، أتدري أن الشـتــاء المنعش يأتي من خلـف الصـيف، وان الطفل لا يولد إلا من بعـد تعب ومعـاناة الأم وحملهـا لمدة تسعـة اشهـر؟ وهل تدري أن قطرات المطر لا تتـساقط إلا بعـد الجفـاف المسـتمـر والزهرة لا تتـفتح إلا بعـد طول انتظار؟ كل الأشـياء الجمـيلة تحتـاج إلى وقت فلا شيء يخرج فجأة دون سـبب، المهم في هذا كله أن نبادر فنجعل حياتنا هادئة وليس هذا صعبا والأدلة على هذا كثيرة.
جولة
حاول أن تتـواصل مع الأقارب فـصلة الأرحام طريق إلى الجنة، حاول أن ترسل رسـالة قصيرة عبـر الهاتف إلى كل من طالت غيـبته، اسأل عن أسبـاب الغياب وكن صاحب المبـادرة حتى تنال الأجر والثواب وحـتى يحبك الناس، فالحياة رحلة قصيرة لا تستحق هذا الخصام.
شكرا لاستجابة وزارة الداخلية
كنت قد وجـهت ـ في مقال سابـق ـ نداء لقسم تنظيم الفروانيـة بضرورة إنقاذ شـارع محمد بن القـاسم، وقد تفـاعل الإخوان مع هذا النداء فـجـزيل الشكر والتقـدير لهـذه الجـهــود التي يبـذلهـا الملازم حــسين الحـربي والعـريف احمـد الأسود وزمـلاؤهم، ونأمل تكريم مـثل هؤلاء المخلصين.