ناصر الخالدي
في داخلي جوع لا ينتهي وشوق لا ينطفئ، يتجددان كلما مررت أمام مكتبة أو وقعت عيناي على كتاب مهما كان العنوان ومهما كان المضمون، المهم أنه كتاب سرعان ما تجدني أتلقفه وأتصفحه مثل الملهوف أقلب أوراقه وأفتش كلماته بحثا عن المعاني الخفية، وعما يثري العقل ويطرب النفس ويسمو بها، وهذه حالتي منذ فترة طويلة حتى صارت عندي مكتبة فيها من كل بستان زهرة: كتب دينية وأخرى أدبية وعندي دواوين شعرية ومذكرات شخصية وصور تراثية وكتب سياسية وكل ما يخطر لك على بال ولا أفرح بشيء مثل فرحي عندما أقتني كتابا مفيدا.
أدمنت القراءة حتى أضعفت بصري، ومع هذا مازلت مستمرا في القراءة والبحث والتنقيب عن كل ما هو مفيد في ظل هذا الانفتاح الهائل الذي لم يثنني عن الكتاب فالإنترنت بأبوابه المفتوحة لا يعطيك مثلما يعطيك الكتاب الذي تلمس أوراقه بأناملك فتحس بما تقرأ وتستشعر بما يمر بك من كلام، واقرأ ما قاله العقاد: لا أحب الكتب لأنني زاهد في الحياة، ولكنني أحب الكتب لأن حياة واحدة لا تكفيني، ومهما يأكل الإنسان فإنه لن يأكل أكثر مما تسعه معدة واحدة، ومهما يلبس فإنه لن يلبس إلا ما يكسو جسدا واحدا، ومهما تنقل في البلاد فإنه لن يستطيع أن يحل في مكانين. ولكنه بزاد الفكر والشعور والخيال يستطيع أن يجمع الحيوات في عمر واحد، ويستطيع أن يضاعف فكره وشعوره وخياله، كما يتضاعف الشعور بالحب المتبادل، وتتضاعف الصورة بين مرآتين.
لهذا نهيم بالكتب ونرتاح في المكتبات ونتساءل لماذا كل هذا العزوف عن المكتبات العامة؟ التي أصبحت خالية إلا من الموظفين والكتب غطتها ذرات الغبار واصفرت أوراقها وسئمت من هذا الصمت العجيب واستنجدت بالمثقفين وأهل الفكر والاطلاع، فلم تجد من ينجدها، وإذا وجدت في المكتبات زائرا، تجده يبحث عن واجب دراسي أو بحث جامعي، فليت هذه الكتب توزع على من يريدها ولا يجد ثمنها، وليتها تعطى لمن يعرف قيمتها ويقدرها كما ينبغي لها أن تقدر، أليس في العالم العربي مثقفون يبحثون عن الكلمة وعن الحرف فلا يجدون شيئا من ذلك ويطول بهم البحث ويضنيهم التعب ويستعيرون الكتاب ويقرأونه من الغلاف إلى الغلاف؟ هؤلاء أولى بهذه المكتبات ولكن ماذا نقول؟ الكلام يطول والحديث لا نهاية له، المهم الثقافة سلاح والعلم نور فلا أقل من أن نعلم أبناءنا القراءة ونشجعهم عليها.
القروض
الكل هذه الأيام يتكلم عن إسقاط الفوائد الخاصة بالقروض الاستهلاكية، هناك من يطالب الحكومة بإسقاطها وهناك من يطالب الحكومة بتجاهل هذه المطالب، وكل هذا له مبرر واضح، ولكن الذي لا نجد له مبررا أن يعلل رفض الحكومة بالاستناد إلى فتوى شرعية تنص على تحريم شراء الحكومة للفوائد الربوية، كل ما أتمناه ألا يكون الشرع حيلة لمن لا حيلة له.