ناصر الخالدي
الأوطان تمرض ولا تموت وترجع خطوة خطوتين للوراء لكنها بعد ذلك تواصل المسير وتصل إلى الغاية والمطلوب مهما كانت الظروف ومهما كانت المعوقات ونعلم علم اليقين حجم المسؤولية الملقاة على عاتق سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ ناصر المحمد الذي حظي بثقة غالية من صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد، إضافة إلى الثقة الشعبية التي أعطاها إياها كثير من أبناء الشعب بمن فيهم أبناء الأسرة ولذا نكتب رسالة من القلب إلى هذا الرجل المتواضع.
سمو الرئيس، لقد انتهت مهمة الشعب في اختيار أعضاء مجلس الأمة وجاء الدور ليختار سموكم حكومة تلبي الآمال والتطلعات الملقاة عليها في تحقيق أمنياتنا جميعا وهي رؤية وطن يواكب بقية دول العالم المتطورة في شتى المجالات فالكل يعرف أننا منذ عشرات السنين ونحن مازلنا نرسل مرضانا إلى الخارج فنزيدهم مرضا على ما بهم من مرض وننكبهم آخر نكبة دون أن نكلف أنفسنا عناء التفكير والتخطيط باتخاذ قرار إنشاء مستشفيات على أحدث طراز بدل الأموال التي نكبكبها ونستقطب المختصين ونشجع أطباءنا بدل «البهدلة» من اللجوء إلى أبواب العيادات الخاصة في مختلف البلدان نشكي أوجاعنا وأمراضنا لأصم لا يسمع إلا رنين الفلس والدرهم، كما أنه ليس كل المرضى بإمكانهم الحصول على موافقة الإرسال للعلاج بالخارج وليس كل المرضى أثرياء ولن يشعر المواطن بالأمن والاستقرار في وطنه إلا إذا رأى بيئة صحية يثق فيها ويطمئن إليها ويعرف أنها قوية متماسكة بنيتها أكبر وأعمق من حبة «بنادول»، لذا فنحن في أمس الحاجة إلى اختيار وزير للصحة تكون عنده خبرة كافية ودراية شاملة بخفايا أمور الصحة واحتياجات موظفيها والعاملين فيها ويكون مرهف الإحساس، قلبه على المواطنين والمقيمين ويعرف أن الكرسي مصيره الى الزوال والمناصب كلها للفناء وننتظر الوزير القادم على أمل أن يكمل المسيرة، وهنا لابد أن نتوجه بكلمة شكر لوزير الصحة السابق روضان الروضان الذي اتخذ قرارا بإعفاء أبناء الكويتيات من رسوم دخول المستشفيات فهذا ما نحتاجه.
ونحن ما زلنا منذ عشرات السنين نرسل طلبتنا إلى الخارج ليكملوا مسيرتهم العلمية فنحرق بذلك قلوب أمهاتهم وآبائهم على بعدهم ونسبب إرهاقا لميزانية الأسرة من أجل أن يكمل الطالب دراسته وتستفيد الجامعات الخاصة على حسابنا، وتنشأ الجامعة تلو الأخرى من أجل فلوس الطلاب الكويتيين دون أن تبنى جامعات خاصة بالعدد المطلوب أو حتى من دون أن يتم تطوير المخرجات التربوية التي تخرجها الجامعات والهيئات في الكويت، فالعالم يشهد تطورا رهيبا في المجال التعليمي ونحن وللأسف الشديد «مكانك راوح»، لذا نحتاج من سموكم اختيار وزير للتربية تكون به كل المواصفات والصفات التي تؤهلنا لأن نكون من الدول المتقدمة في المجالين التربوي والتعليمي وحتى نطوي صفحة الابتعاث ومسلسل الطلبة ومشاكلهم.
وهكذا في كل الوزارات نحتاج إلى أهل الاختصاص والعلم والمعرفة وأصحاب القرار الجريء في سبيل النهضة والرفعة والتطور لا في سبيل تنفيذ أجندة حزب معين أو تيار من التيارات فالكويت أهم من كل التيارات والأحزاب والتجمعات، وإذا أردنا اليوم أن نختار حكومة تستمر وتواجه وتلبي متطلبات الشعب فلابد من تعيين أصحاب الكفاءات مهما كانت طبقاتهم الاجتماعية بشرط أن يكونوا ممن عرفوا بحسن الأخلاق وطيب المعاملة فأبواب الوزراء الناجحين لا توصد.
لا يخفى على سموكم أن الحديث طويل لكننا نختصر ونقتصر على الصحة والتعليم لأنهما السبيل إلى الرقي وتحقيق نهضة شاملة كاملة تمتد إلى جميع وزارات الدولة والحذر كل الحذر من البطانة الفاسدة لأنها دمار شامل لا حلّ له ونسأل الله أن يوفقكم ويسدد خطاكم ويعينكم على إرضاء رب العالمين ثم إرضاء الشعب.