ناصر الخالدي
في عطلة نهاية الأسبوع الماضي كنت في زيارة سريعة إلى الرياض وهناك قضيت يومين رائعين في ضيافة الصديق محمد بن راشد القحطاني ولا أريد أن أبالغ في تصوير ما لقيت من حسن الضيافة التي وجدتها فالمفردات اللغوية لن تسعفني والكلمات حتما ستعجز عن أن تصور تلك الحفاوة الرائعة التي تعكس الكرم السعودي فمنذ أن وصلت إلى المطار حتى آخر لحظة كان نعم المرافق الاتزان الفكري والرقي الأخلاقي إضافة إلى حسن التصرف وجميل المعاملة وفوق هذا كله ابتسامة جميلة تنسيك زحمة الرياض.
محمد القحطاني أصر على أن يستضيفنا في منزل والده العم راشد القحطاني وفي جلسة رائعة جدا استمتعت بالجلوس مع العم راشد الذي أتحفنا بأحاديثه الجميلة وقصصه الوعظية وأسلوبه الشائق في النصح والإرشاد بالإضافة إلى الشبان الذين جلسوا معنا في تلك الأمسية الجميلة وهم تركي التركي وعبدالله العبداللطيف وأحمد التويجري وصالح العريني وسالم المطرفي وقد سعدت وأنا أسمع أحاديث هؤلاء الشبان، إنهم نموذج رائع وصورة مشرفة للشاب السعودي المتدين فوجوههم المشرقة كانت تعكس صفاء نفوسهم وحسن فهم للدين والدعوة وهنا تجدر الإشارة إلى أهمية الفهم الصحيح للدين والتدين لأنك لن تستطيع أن تخدم الإسلام إلا إذا فهمت مقاصد الشريعة فالشبان الذين جلست معهم كانوا يحملون هم الإسلام من خلال جهودهم وانشطتهم الدعوية المتزنة والتي يغلب عليها الرفق واللين وعدم المبالغة أو الغلو وفي المساحة المحددة والتي لا تزعج الآخرين وكم نحن بحاجة إلى أمثال هؤلاء الشبان نحتاجهم في الإعلام وفي المساجد والأسواق والجامعات والهيئات وكل مناحي الحياة إننا نحتاج إلى الداعية المبتسم وطالب العلم المتواضع، نحتاج إلى من يذكر الناس بالله ويحثهم على الخير والطاعة ومن يدري رب كلمة ينفع الله بها نفعا كثيرا كما رأيت في آخر ساعاتي التي قضيتها في الرياض فقد أسعدنا الشيخ راشد الخليوي عندما قدم لنا مفاجأة وهي إسلام خمسة عمال من الجنسية الصينية بفضل الله ثم كلمات الإخوة الدعاة في المراكز المختصة.
الشاب العربي بشكل عام يعيش في صراع عجيب رهيب من أجل إفساده وإغوائه حتى يحيد عن الصواب ويتخبط في ظلمات الحياة ليستريح العدو من حماس وتطلعات وآمال الشاب العربي المسلم وها نحن اليوم نرى نسبة كثيرة من الشبان ينفقون الأموال الطائلة من أجل تشجيع فريق إسباني أو انجليزي ويتقاتل الأخ مع أخيه من أجل الرهان على الفريق الفلاني وغير ذلك ما نلاحظه من تصرفات وسلوكيات خطيرة تصدر من بعض الشباب بسبب الغزو الفكري الذي يعيشه هذا الشاب المسكين فهو يسمع عن القيم والأخلاقيات من الخطيب على المنبر أو من الأب في البيت أو من المعلم في المدرسة والجامعة ويقرأ في الكتب والسير والتراجم ثم بجلسة واحدة على شاشة التلفاز ينسى كل ما سمعه ويهيم في وادي الفساد والانحراف، وفي حراك نفسي يندفع هذا الشاب للاتجاه إلى عالم الانترنت وما أدراك ما الانترنت؟ وهذا ما يدفع كثيرا من الشباب والشابات إلى الانحراف والتسكع في الأسواق بشكل مخز يدل على أنهم ضحايا التكنولوجيا الحديثة والإهمال التربوي.
نحن في أمس الحاجة إلى شباب واع يحمل الرسالة الدعوية ويقوم بإيصالها على الوجه الحسن الذي يأتي بالغرض المطلوب وإلا فإننا أمام كارثة اجتماعية وأخلاقية كبيرة فالسلوكيات الخطيرة بدأت تنتشر وتتفاقم في المجتمع والظواهر السلبية في انتشار رهيب تماما مثل المرض الخبيث الذي ينتشر في أنحاء الجسم ثم يدمره ولهذا لابد من المعالجة الحقيقية التي نفقد ما بقي من شبابنا نحن في أمس الحاجة إلى أناس يستشعرون مسؤولية المحافظة على الشباب وينظرون إليهم على أنهم الثروة الحقيقية.