من الطبيعي والمقبول أن تمارس المعارضة في الكويت حقها الدستوري في ممارسة النقد والاحتجاج وفق الأطر القانونية، ولكن من غير المقبول أن يلعب أحد أقطاب المعارضة دور البطل المحرر وكأنه يخلص أبناء وطنه من الأغلال والزنازين، وأن يظهر بمظهر الرجل الذي يعبر بقومه إلى بر الأمان من ويلات القهر والفقر والجوع والاضطهاد.
هذا النمط من المعارضة، هو نمط استعراضي بالدرجة الأولى، وهو لا يمت الى العمل السياسي الإصلاحي بصلة حقيقية، فهو مجرد رسم صورة نمطية زعامية على حساب أشياء كثيرة في البلد، مثل التنمية والاستقرار ومستقبل الأجيال.
ومن المحزن أن نرى هذه الظاهرة وقد بدأت في الظهور منذ سنوات قليلة، عبر أشخاص كان من المفترض بهم أن يكونوا شخصيات إصلاحية لا راديكالية، وهذا يجعلنا نتحسر على النمط الرفيع لشخصيات المعارضة منذ السبعينيات وحتى فترة قريبة، مثل جاسم القطامي وأحمد الخطيب وأحمد الربعي.. وغيرهم الكثير ممن رسموا صورة مثالية للمعارضة، فلا هم بالمتهاونين بحقوق الناس، من جهة، ولا هم بالمطالبين فيها بشكل تأزيمي فج. وقد أخذوا فرصهم في إشغال مقاعد برلمانية وحتى وزارية، وكانوا أصحاب نظريات وعمق فكري، ولم يشهد المجلس على زمنهم هذا الصراخ والضجيج والخروج إلى الشارع وتحريض الناس وتعويدهم على هذا النمط من المعارضة الذي ستكون له عواقب سيئة في المستقبل إن استمرت هذه الطريقة وتكرست كمنهج التقطته الأجيال المقبلة وعملت به. عندها لن يكون لمبنى البرلمان أي فائدة، وربما أيضا جاءت ظروف غير تلك التي نعيش فيها، فتكون المعاملة بالمثل من أصحاب القرار، فيحدث الصدام المهلك.
إن عملية «شخصنة» المعارضة، وتحويلها إلى زعامة جديدة، هي استغلال لعواطف الناس، واستثمارها لصالح تكوين شخصية تريد ان تصنع لنفسها هالة ولو على حساب دولة مستقرة اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا.
[email protected]