أكثر دول في العالم تملك مقومات الازدهار الاقتصادي فيما لو اجتمعت، هي دول مجلس التعاون الخليجي، وأقل دول تمتلك هذا التقارب على أرض الواقع، هي هذه الدول نفسها. وليكن سؤالنا منطقيا وواقعيا، هل ستنجح الوحدة الاقتصادية بين دول مجلس التعاون؟ مشكلتنا أننا نمزج غالبا بين طموحاتنا وبين ما هو واقع، فطموحاتنا تتمثل في أن يكون لدينا اقتصاد متماسك خليجيا، وأن تكون هناك منظومة واحدة على غرار الاتحاد الأوروبي، ولكن الواقع غير ذلك، فحتى دول الاتحاد الأوروبي يقع فيما بينها خلافات أحيانا حول الأمور الاقتصادية، وخصوصا في موضوع توحيد العملة باليورو، فإذا كانت أوروبا بكل ما لديها من نظم ومؤسسات متشابهة مدنيا لم تصل حتى اليوم إلى الاندماج الكامل في هذا الشأن، وظلت مصلحة الدولة الاقتصادية هي الغالبة على المنظومة الجماعية، فإنه من باب أولى ونحن حديثو التجربة في مجلس التعاون ألا يتحقق هذا التكامل.
وهو ما لفت إليه تقرير الشال الاقتصادي حين قال: «في أوروبا كادت دولة صغيرة في تسعينيات القرن الفائت هي الدنمارك ذات الـ 5 ملايين نسمة أن توقف مسيرة الاتحاد الأوروبي حول ما سمي باتفاق ماستريخت، وقبل بضعة أسابيع أوقفت سويسرا الصغيرة اتفاق حرية انتقال العمال مع الاتحاد الأوروبي، وخلال العام الحالي قد تنسلخ اسكوتلندا عن بريطانيا العظمى، وفي عام 2017 قد تنسلخ بريطانيا عن الاتحاد الأوروبي». هناك العديد من العوامل الخليجية التي أخرت الاتفاق حول القرارات الاقتصادية للقمم الخليجية، مثل السوق المشتركة وتوحيد العملة والمسألة الجمركية، فكل هذه الأشياء يؤخرها عدم الانسجام السياسي الحاصل بين بعض دول مجلس التعاون، وهذا ليس سرا، فقد بقيت هذه الخلافات تحت الرماد إلى أن ظهرت مؤخرا بموضوع سحب السفراء.
[email protected]