في عام 1996 وأثناء بث برنامج (حدث من بين الأحداث) الإذاعي إعداد وتقديم كاتب السطور ومن فكرة الإعلامي المخضرم الأستاذ إبراهيم خليل مدير عام البرنامج الثاني آنذاك، سألت ضيفي وهو أكثر وأشد الشباب انحرافا من فئة الأحداث، حيث يقضي عقوبة السجن.. ليش قتلت فلانا؟ قال: كان يخزني!! وكوني مديرا لإدارة الأحداث الأسبق لم استغرب لإجابته لمعرفتي بدوافع وقوع مثل هذا النوع من الجرائم.. سألته: بسبب خزة؟ قال: نعم لأن الخزة لها معان كثيرة ومقاصد انت لا تعرفها (يجيب على أسئلتي بكل ثقة بعد ان أزهق يوما روحا بريئة وخطف فلذة كبد أم ونسيت أجفان الأب النوم حسرة على فراقه وكسى حياتهم بأبدية الوشاح الأسود والاكتواء بلظى حرقة الفراق) ان معاني الخز بمفهومي عندما كنت مراهقا هو الاحتقار يعني من يخزك (يحتقرك) ويستصغرك وان شكلك (مو عاجبه) هذا كل ما في الأمر!! قلت: وهل هذا الاعتقاد يقودك وأمثالك الى القيام بتضخيم ردود أفعالكم هذه حتى تصل بكم الى القتل؟ نعم!! يكمل: يخزني يعني لازم أخزه وأكسر عينه وإذا لم أستطع ان أجبره على تحويل نظراته عني واستمر في التبحلق فيني عندها أدرك ان أمرا ما يدور برأس هذا الشخص ويستوجب حينها إيقاف هذا المغرور عند حده وأسأله عن سبب التبحلق بي فإذا رد علي بإجابة مقنعة تركته في حال سبيله، أما إذا لم اقتنع بأجوبته وبدا لي انه تورط بالرد على استفساري أدرك حينها انه يحتقرني ويستوجب علي التعامل الفوري معه على هذا الأساس! قاطعته: لو انا أجبتك عن سبب قيامي بخزك هو بأني مشتبه بك واعتقدتك صديقي فلانا، ماذا ستكون ردة فعلك؟ يجيب: أبدا لن تكون لدي اي ردة فعل سوى ان أقول لك لا أنا لست بصديقك فلان!! قلت: يعني لن تقدم على قتلي؟ لا طبعا لسبب بسيط وهو انك بررت قيامك بخزي! نحن نخرج مع أصدقائنا قاصدين المجمعات للاختلاط بالمجتمع بأنماطه ولدينا مهام إثبات كل واحد منا لذاته وقوة شخصيته ويمتلك كل فرد منا قيمة تتعلق به وبأهله، ويكفينا حينها ان نثبت لأنفسنا وللمجتمع اننا كفؤ بأن نكون احد أفراده لا ينتقص أحدا منا هذه المكانة أيا كان شكله او من اي بيئة او طبقة ينتمي لها، وهناك من يعتقد انه أعلى درجة ومكانة منك ويريد ان يبين ذلك أمام الآخرين وعندما يشاهدك تتمشى معه في المجمع يعتقد انك أقل منه مستوى وأنك لا تستحق ان تكون معه في نفس المكان.
عندما يبحلقون بنا نقرأ بأعينهم عبرات (شنو هالأشكال التي تتمشى معانا في هذا المكان او ما المستوى الذي أنتم عليه كي تأتوا لتشاركونا التجول حالكم حالنا)! حينها تكبر وتتضخم لدينا هذه المفاهيم التي تسميها انت بالسلبية وتقودنا الى وضع حد لهذا النوع من الاحتقار الموجه إلينا!! قلت: هي إسقاطات سلبية لخبرات مؤلمة اعتقدتموها وهما، ومفاهيم متخلفة زرعتها ظروف التغير السريع للمجتمع ثم ارتوت ونمت نتيجة تدني مستوى الوعي الاجتماعي.
سألته: إذا كانت هذه مبرراتك لماذا لم تفكر بعواقب فعلتك؟ قال:حظي سيئ! اعتمدت على بشت يطلعني من هذه السالفة لكن لم أجد أحدا ممن يرتديه في دائرتنا استنصرني!