في عمل وإنجاز غير مسبوق أصدر المجلس البلدي قبل سنوات قراره بالموافقة مشكورا على تخصيص أرض فضاء بمساحة عشرة آلاف متر مربع لإقامة منتجع للتائبين من تعاطي المخدرات، واذكر حينها انه تم اختيار موقع للأرض في منطقة الصليبية على الدائري السادس، والمنتجع هذا من فكرة جمعية بشائر الخير المختصة برعاية وتأهيل التائبين من تعاطي المخدرات وتوعية وحماية شبابنا منه وانتشال الغارقين في ظلماته لإخراجهم لنور الحياة.
اقتنعت الوزارة المشرفة على هذه الجمعية بهذا الطلب وتقدمت الى الجهات المعنية بتخصيص الأرض كي تكون أول مؤسسة وطنية تعيد تأهيل المدمنين التائبين نفسيا واجتماعيا ومهنيا ليعودوا لمجتمعهم كعناصر صالحة يتخطون مراحله الخطرة التي يشعر بها التائب من المخدرات.
حسنا، فعلت هذه الجمعية عندما فكرت في تحويل حلمها الى واقع، حلم استنبط من واقع معاناتها وعملها مع شبابنا لتتلقفهم بعد خروجهم من السجن وقد تخطوا مرحلة العقوبة والتوقف عن التعاطي وبدأوا مرحلة التوبة، بيد ان الجمعية المذكورة التي تدرك ـ حسب خبرات القائمين عليها ـ ماذا يعني خروج التائب من السجن وما المتطلبات الملحة الواجب توافرها لحمايته من العودة للتعاطي والانتكاسة الخطرة التي يقع فيها التائبون، فضلا عن عدم قدرة ذويهم وكذلك المجتمع بمؤسساته على تقبلهم واحتضانهم هذا من جانب، وعدم قدرة التائب من تعاطي المخدرات على التكيف مع أهله والمجتمع بعد توبته، لتتصدى لمأساة كبيرة ساهمت بشكل مباشر وغير مباشر في ارتفاع نسبة وفياتهم لشعورهم بعدم قبول ذويهم والمجتمع لهم، وكذلك عدم قدرتهم على التكيف مع الحياة والمجتمع وأفراده والعيش في كنفه، بل والشعور السلبي الدائم بنبذهم واحتقارهم، ذلك جزء يسير من معاناة التائبين من براثن المخدرات بعد خروجهم من السجن.
جمعية بشائر الخير بقيادة الشيخ عبدالحميد البلالي وصحبه الأكارم حملوا على عاتقهم معاناة هذه الفئة من شبابنا.
لتلد فكرة إنشاء منتجع التائبين من براثن التعاطي بهدف حمايتهم من خلال رسم إستراتيجية حياة اجمل لهؤلاء الشباب بعد أن يتلقفهم هذا المنتجع وفق خطة عمل محكمة ينفذها عناصر من أطباء النفس المتمرسين وأكاديمية وأطباء ومستشارين ومهنيين مختصين في مجال إعادة تأهيل التائبين من المخدرات قبل ان يتعرضوا لهزيمة عودتهم للتعاطي، وأولى مراحلها (Overdose) الجرعة الزائدة، ومن ثم الوفاة.
كانت لكاتب السطور والمحامي عصام الرفاعي صولات وجولات منذ تبني تقديمهم طلب الحصول على هذه الأرض ولحين إقرار الموافقة عليها، وكان للمهندس الفاضل بدر فهاد العنزي عضو المجلس البلدي آنذاك والنائب الحالي دور كبير في إقرار تخصيص الأرض الذي تطلب بعده عمل مضن لحين تسلمها وولادة الفكرة بسلام وتحويلها لواقع فعلي. اصطدمت الفكرة بصخرة لا تفوق حجمها بحجم تطلعاتنا وأمانينا وأحلامنا في حماية ابنائنا التائبين من براثن المخدرات، فقررنا حينها الحفر بمخالبنا بحجر العثرة تلك، لكنها هزمتنا ! فمن يخبرنا عن مصير منتجع التائبين؟