تعودت ان تحضر للبنك مرة أو مرتين كل أسبوع بغرض إيداع مبالغ نقدية في حسابها الخاص تتراوح بين ١٥٠٠و٢٧٥٠ دينارا. توقفت عن تلك العادة أسبوعين ثم عاودت ليستقبلها احد الموظفين مرحبا بطلتها البهية: هلا يما شلونچ؟ الحمد لله انا بخير، تفضلي، كم ستودعين اليوم؟ سأودع مبلغا اكثر من كل مرة.. (خمسة آلاف دينار) تفضل (حطهم في حسابي)، لم يتعود موظفو البنك على استقبال مبلغ بنفس هذا الحجم من هذه العجوز، اذ يتوجب عليهم الاستفسار منها عن مصدر هذا المال. الموظف وبعد تردد وحيرة من امره حول الكيفية التي سيوجه بها سؤاله للعجوز دون ان يجعلها تغضب منه فهي من العملاء الذين يحرص كل بنك على خصوصية وتميز العلاقة معهم: (يما في مشكلة معاچ!! ما نقدر ناخذ فلوسچ) الا اذا قلت لنا من أين لك هذا؟! تغضب العجوز وتصرخ بوجه الموظف: مشكلة معاي انا؟! تقوم من على كرسيها غاضبة تاركة الموظف وحده قاصدة مقابلة احد مسؤولي البنك.. تسأل هذا وذاك: عطوني مسؤولكم. تطوف بين أقسام البنك (وين المسؤول؟) يخرج احدهم: حياچ (يما) تعالي تفضلي بالجلوس هنا.. انا المسؤول.. راح اشرح لك ماذا يريد منك زميلي الموظف.. بعد طلبك اليوم ايداع مبلغ (خمسة آلاف دينار) يتوجب علينا معرفة مصدر هذا المبلغ، وهذا نظام دولة يطبق على الجميع للمحافظة على اقتصاد البلد. تشتاط العجوز وتزيد من وتيرة غضبها وسط محاولات لتهدئتها وتقديم اسباب هذه الإجراءات المصرفية. تستمر محاولة تهدئتها من قبل هذا المسؤول بسؤال: (يما) تهمچ مصلحة بلدنا؟ العجوز تفاجئ جميع من يصله صراخها قائلة: ثمن أيها المسؤول كلامك معي ولازم تعرف الناس زين، يا ولدي انا وامك من أرضعنكم حب هذه الارض بعد ان امتزج حليبنا الذي شربتموه وزملاؤكم مع مكونات الولاء والانتماء لهذا الوطن وتأتي اليوم بعد ان كبرت لتوجه لي هذا السؤال.. لست انا من تسألني مثل هذا السؤال.. وصلت رسالتي؟ مختصرا الجهد والوقت: (يما) الله يهداچ وين رحتي؟ نعم انت وامي وأمهات جميع الكويتيين هن من علمننا معنى حب هذا الوطن والولاء والانتماء له، اطمئني (عيالكم) فيهم الخير لوطنهم وأنتن من زرعتن بنا تلك القيم النبيلة... اطمئني لكن انا موظف وأطبق الأنظمة التي تقرها مؤسساتنا الاقتصادية لذا نتمنى مساعدتك لنا في تأدية مهامنا في اخبارنا عن مصدر هذه الأموال (يعني من وين جبتي) هذه الفلوس؟ وانت (شكو) هذا مو شغلك!.. (يما انا طمعان) بمساعدتنا، تهدأ العجوز وتتردد في ابلاغ هذا المسؤول عن مصدر (فلوسها) صمتت قليلا عن الكلام وأخذت تقلب بجهاز هاتفها المتحرك وسط محاولات المسؤول بشرح ابعاد تلك الإجراءات المتعلقة بالإفصاح عن مصدر الأموال مرارا وتكرارا.. يطول صمتها.. ها (يما) تساعديننا بابلاغنا عن مصدر هذه الأموال؟ شوف يا ولدي.. لن أعيق عملكم.. فلوسي اجنيها من عرق جبيني، انا شاطرة في (طبخ ورق العنب وعندي) زبائن كثر عن طريق الانستغرام أبيعهم واترزق الله.. هذي كل القصة) لا تخاف هذا مو غسيل اموال مثل ما اسمع! ها.. تاخذون فلوسي عندكم.. ولا اروح بنك ثاني؟