يقول: قمت بزيارة أصدقائي في مخيم لهم نصبوه جنوب البلاد، وبعد الانتهاء من وجبة عشاء من طبخ الشيف (بوبدر) عزمت الأمر للعودة للبيت بسيارتي القديمة، لم اقطع مسافة طويلة في طريق عودتي حتى أعلنت احتجاجها على المجيء بها للبر عبر طرق شديدة القسوة وذلك بارتفاع حرارتها فجأة فأوقفتها فورا على جانب الطريق لأتدبر امر عودتي.
يقف صاحب سيارة اجرة (وانيت) يسترزق الله، اتفقت معه على إيصالي البيت مقابل مبلغ من المال فانطلق بنا، بادر راعي الوانيت بفتح حوار معي بعد ان اعتقد أني احد الإخوة الوافدين، لان ملابسي ملطخة بوساخة الشارع وزيوت ماكينة السيارة وأمتلك سيارة قديمة لم تمكني حتى من الوصول لهدفي ليفتح معي الحوار سائلا: الأخ من وين؟ فرددت عليه بسؤال: ماذا تعتقد.. من أي بلد أكون؟ يكمل: كنت استدرج راعي الوانيت حتى يطمئن بأني غير كويتي خاصة ان ملامحي تبتعد كثيرا عن ملامح أهل الديرة حال ارتداء لباس غربي، لقد وجدتها فرصة لكشف آراء بعض الوافدين عن بلدي الكويت! بدأ راعي الوانيت في التفكير بالرد على سؤالي.. ثم أجابني هل انت من بلد (......)؟ فجأة صرخت: صح.. انا من بلد (.....). قلت له: وانت من وين؟ قال: جيرانكم.. أهلا وسهلا.. منذ متى وأنت في الكويت؟ منذ نصف قرن وأنا استرزق وأكد على هذا الوانيت ليلا ونهارا والأبناء كلهم في جامعات أجنبية بعد ان درسوا في مدارس الكويت، وأم العيال تطبخ وتبيع وتوصل للبيوت (Delivery) وعندها انستغرام.. وانت؟ (بطريقة استدراجية) انا موظف في محل حلويات كنت بمهمة توصيل (صينية كنافة) لأحد مخيمات الكويتيين!! يسير الوانيت بنا على الطريق السريع الذي تحلى بالمخيمات الربيعية يمينا ويسارا.
راعي الوانيت: يا اخي الكويتيون مغرمون بالبر وبمثل هذا الوقت من كل عام تزداد إيراداتنا والحمد لله. افهم من ذلك انك لا تبدل الكويت بأخرى من الدول للاسترزاق بها؟ راعي الوانيت: انت من بلد (...) وأنا من بلد (....) وكما قلت لك اننا جيران ولا بيننا الآن كويتي.. كلمة حق اقولها كما قلتها وأكررها لأسرتي: لن تجدوا مثل الكويت بلدا يعيش به الوافد وقد تحقق له الحد الأدنى من العيش الكريم ولا نحتاج اكثر من ذلك! (في سياق الاستدراج) يرد عليه قائلا: نحن الوافدين نحتاج اكثر من ذلك! (خوفا من اكتشاف أمره ينهي الحديث في هذا الموضوع) راعي الوانيت: مثل (إيش)؟ يجيب: إقامة دائمة مثلا!! احمد ربك يا اخي نحن نتمتع بمميزاتها المهم انك تكون (بالسليم) هذا كل المطلوب منك.. يعاود الصمت ثم يقول لراعي الوانيت: (ادخل هذه المنطقة فأنت قريب من بيتي.
راعي الوانيت وقد بدا عليه التوتر: بيتك؟ قف هنا لو سمحت هذا هو بيتي! وسط انبهار راعي الوانيت الذي التزم الصمت ويرد عليه بكلمة واحدة (الحمد لله على السلامة) كم حسابك؟ خمسة دنانير.. تفضل هذه عشرون دينارا وتستاهل اكثر فأنت من الإخوة الوافدين الأوفياء لهذه الأرض.. كثر الله من امثالك معاك اخوك فلان الفلاني وإذا احتجت يوما أي شيء، تذكر ان لك أخا كويتيا تعرف عنوانه جيدا.. على فكرة انا لم اكذب عليك الا قليلا، لقد اكلت (كنافة بالجبن) جلبتها لأصدقائي بنفسي!! تصبح على خير.