يقف الطفل ذو السنوات العشر وحيدا بجانب الباب الخارجي لمنزل أسرته متوشحا بلباس علم الكويت تماما كما تزين منزلهم وسياراتهم بأعلام الوطن وصور حكام الكويت، يعتلي صدره الصغير (باجات) صور صاحب السمو وسمو ولي العهد وشعار الدولة بشكل فاق بجماله عقد عروس في ليلة دخلتها، مظاهر الانتماء والمواطنة تشع من اللحظات الاولى لمشاهدة منزل أسرته لا تفوقها أي مظاهر، يمسك بيديه الصغيرتين بالونة (تفاخية) صغيرة مملوءة بالماء ينتظر المارة ليقذفهم بها ويأتي بأخرى وهكذا، يستمر بالوقوف مترقبا، يحدق بناظريه بكل الاتجاهات لعل احد من أطفال الجيران يمر من أمامه ليتبادل معه قذف (التفاخية) وتتحقق أمنيته ويكون تماما مثل الأطفال الذين شاهدهم في مواقع الفرح على شارع الخليج العربي ومنطقة الشاليهات، طال انتظاره وتعبت رجلاه ولم يأت أحد، و(التفاخية) لاتزال حبيسة يده (ملت) من طول الانتظار.. عيناه الصغيرتان لاتزالان تراقب المكان تحسبا لأي كائن بشري او مجموعة صبية يتسكعون هنا او هناك كعادتهم أو حتى عمال نظافة يكنسون الشارع ليعبر عن فرحته لهم بطريقته الخاصة، وينقل جزءا من احتفالات الديرة إلى (فريجهم) لكن دون جدوى.. طال الانتظار ولم يمر احد، الكل في مواقع الاحتفالات، بل الكويت كلها هناك.. تحتفل... مظاهر البهجة والفرح والسعادة بعيدة عن منزله، الفرجان خاوية من قاطنيها، هدوء لا يحدث إلا مرة واحدة كل عام ولا يتكرر إلا في يومي (25 و26) فبراير، حتى سيارات الفريج توقفت عن المرور من أمام منزله، أطفال الجيران وأسرهم وخدمهم وحتى سواقهم يهيمون في الشوارع وميادين الاحتفالات تجرفهم أمواج السعداء الفرحين المبتهجين يقومون بدور عفوي في ترجمة حبهم للكويت، تصطحبهم دوامة الفرح لينصهروا جميعا في بوتقة واحدة وتتعالى أصواتهم بلحن كويتي شجي امتزج بلهجات الوافدين الشرفاء الذين يعيشون بين ظهرانينا يترجم جل ما تغنى به شعراء الوطن بحب الوطن، ولا يزال ذلك الطفل مستمرا في الإمساك بالبالونة (التفاخية) عله يحقق ذلك الحلم ويحتفل بالعيد، لكن... لم يمر أحد !! يصرخ: (يما) لم يأت أحد كي العب معه ! تحضر الأم وبيدها مزيد من (التفافيخ) الطفل: لا احتاج المزيد منها.. فلا تزال (التفاخية) الأولى بيدي! أدركت الأم معاناة ابنها بطول الانتظار وأيقنت خطأها عندما عادت به للبيت بعد ان أذاقته حلاوة طعم التعبير عن حب الكويت وبتلك الجرعات الوطنية فأستوجب عليها إعادته لمواقع الاحتفالات وتكمل مهمتها الوطنية التي اعتبرتها إحدى وسائل تحقيق هدفها المرسوم وهو تعزيز المواطنة والانتماء في قلب وفؤاد ابنها الصغير وان يطبع قبلة على كل صورة (لبابا) صباح تزهو جل مواقع الكويت بها وان يحيي أعلام وطنه الكويت الذي يعانق سماء الوطن من النويصيب إلى السالمي مرورا بكل شبر من أرض الكويت.