اتصل بي يوما معد تلفزيوني يعمل في أكثر القنوات الفضائية الخاصة انتشارا يطلب مني الموافقة على اجراء لقاء تلفزيوني موسع أتحدث فيه عن جهود وزارة الشؤون ونجاحها في تنظيم العمل الخيري. همس بأذني هذا المعد طالبا ترشيح أسماء اثنين من المسؤولين العاملين في الجمعيات الخيرية يشاركونني هذه اللقاء على ان يكونا من الشخصيات المؤثرة إعلاميا ولها صولاتها وجولاتها في العمل الخيري الكويتي! استشعرت من المعد التلفزيوني من خلال رسالة غير لفظية رغبته في ان تكون الحلقة «نار» برفع وتيرة الحوار لتقديم مادة إعلامية وحوار قوي يجبر المشاهدين على متابعة اللقاء من خلال كشف النقاب عن الصعوبات التي صادفت الأطراف المعنية في تطبيق تلك الرؤى التنظيمية الجديدة للعمل الخيري خلال مراحلها الأولى. استجبت لطلب المعد وقمت بترشيح شيخين فاضلين ضليعين في العمل الخيري الكويتي هما: المرحوم بإذن لله تعالى الشيخ احمد الفلاح، والشيخ احمد الحوطي أطال الله بعمره. كان للفلاح، رحمه الله، طلة بهية وبروز إعلامي مميز ومساهمات رائعة في برامج إذاعة القرآن الكريم وغيرها، أوصل رسائل للمجتمع اتصفت بمصداقية القول وفاعلية التأثير الدعوي وتثقيف بعض افراد المجتمع بأمورهم الدينية والدنيوية. بدأ اللقاء التلفزيوني الموعود وانتهى بنجاح مميز. كان بحق لقاء فريدا بطرحه عندما كشف ولأول مرة عن الكيفية التي سارت بها مراحل تنفيذ العمل المشترك بين الشؤون والجمعيات الخيرية وأوجه الصعوبات وكيفية التغلب عليها ونجاح العمل بين القطاعين الحكومي والقطاع الأهلي فتحقق للمعد والمسؤولين في القناة خاصية اللقاء وتحقيق عنصرين متناقضين من الإثارة والشفافية واظهار حقائق وخفايا مغيبة عن الجمهور فاقت كل التوقعات. خرجت من هذه المقابلة بهدية قيمة ذات معان جميلة وابعاد اجمل عندما أهداني الفلاح، رحمه الله، قبلة على جبيني فور انتهائنا من البرنامج عبر لي من خلالها عن سعادته بنجاح الحلقة وبالدور الذي قام به. كان طودا شامخا في العمل الخيري مدافعا عنه بشراسة وبرقي فاق مستواه المعتاد، وعقلانية تعدت بمواصفات متطلبات الرزانة والشموخ، اخلاقه سمت على متغيرات الأيام والليالي، كان ملاذ المحتاج والفقير وانتهج الانسانية تطوعا، وعشق منهج الخير طريقا لحياته، فأجزل العطاء حبا للإحسان وانقاذا للمحروم واليتيم، ليحقن العطشى عطفا وحنانا حتى اتسع قلبه يجبر كل فؤاد مكسور، ويمد ظل جناحه لمن يحتاج ان يتدثر بدفئه، فرسم الابتسامة على شفاه المرضى والثكالى قرب مستنقعات الجوع والمرض وانتشل القابعين في قيعان الذل والهوان ليوصلهم الى شواطئ التفاؤل والأمل، ساهم في استبدال مشاريع خدمة الفقراء الى مشاريع تنمي آدميتهم. اللهم اغفر له، وارحمه وعافه، واعف عنه، وأكرم نزله، ووسع مدخله، واغسله بالماء والثلج والبرد، ونقّه من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، وأبدله دارا خيرا من داره، وأهلا خيرا من أهله، وأدخله الجنة، وقه فتنة القبر وعذاب النار.