قبل ثلاثين عاما اتصل بي أحد المسؤولين في الوزارة التي كنت أعمل بها سائلا: ما مواصفات الخبير الذي تحتاجه لتدريب وتأهيل الجهاز الفني العامل معك في مراكز تنمية المجتمع؟ قلت: أهم شرط أن تكون لديه دراية ومعرفة بطبيعة وثقافة وقيم ومبادئ المجتمع الخليجي بشكل عام والمجتمع الكويتي بشكل خاص حتى يتمكن من تنمية القدرات المهنية للاختصاصيين الذين نعتمد عليهم من بعد الله في تنفيذ أهداف ومهام مراكز تنمية المجتمع، والتي تعتبر الأولى من حيث رؤى الدولة في تنمية مجتمعاتها المحلية آن ذاك.
بعد أسبوعين استدعاني وكيل الوزارة في ذلك الوقت (رحمه الله) سائلا: (شفيك يا أخ ناصر مزعل) التخطيط؟ قلت: (وأنا شديد التعجب) أنا مزعلهم؟ قال: نعم.. لأنك وضعت شروطا ومواصفات للاستعانة بالخبير بأن يكون كويتي الجنسية.. من (وين يجيبون) لك خبير كويتي يا أخ ناصر؟ قلت: وأنا (أضحك) مما سمعته.. سيادة الوكيل لم أطلب خبيرا كويتيا ! يبدو أن الاخوة في التخطيط فهموا خطأ ! قال: إذن ما الأمر؟ قلت: عندما سألوني عن مواصفات الخبير الذي أحتاجه لتدريب موظفينا كانت إجابتي واضحة وهي أننا نحتاج لخبير لديه معرفة ودراية بطبيعة المجتمع الخليجي بشكل عام وبطبيعة المجتمع الكويتي تحديدا حتى يستطيع أن يضع برامج ومنهجا تدريبيا فائق الدقة والخصوصية في كيفية تنمية مجتمعنا، علما بأننا قطعنا شوطا في إنجازات العديد من الأهداف التي أنشئت من أجلها مراكز تنمية المجتمع، ومازلنا نمضي قدما في تحقيق النجاح تلو الآخر، ولا أعتقد أننا بحاجة الى خبير يعلمنا (شلون) ننمي مجتمعنا، آيتي في ذلك نجاح العديد من المشاريع التنموية والاجتماعية التي نفذناها تحت رعايتك على مدى سنوات وبشكل غير مسبوق! قال: صحيح لكن لدينا اتفاقية مع الأمم المتحدة بتزويدنا بما نحتاجه من الخبراء لزيادة كفاءة ومهارة موظفينا! قلت: اذن أنا عند رأيي.
قال: أشاطرك الرأي، لكن كيف ولماذا وصلت اليهم المعلومة بشكل خاطئ، عموما.. أخ ناصر بلغني اذا وصل الخبير قلت: ان شاء الله.
مرت سنوات سبع (٧) وتحديدا في شهر مايو (١٩٩٥م) صدر قرار بندبي لتولي إدارة أخرى ولم يأت الخبير! في يونيو من عام ٢٠١٦م أي بعد (٢٧ سنة) اتصل بي أحد المسؤولين في الإدارة المختصة يكرر علي نفس السؤال طالبا الإجابة حول مواصفات الخبير الذي أحتاجه لتدريب موظفينا! ضحكت مستذكرا سالفة (الخبير الكويتي) وأجبته ـ بقناعة مفرطة ـ بنفس المواصفات ! مرت شهور ستة ولم يأت الخبير.
في ديسمبر من العام ذاته تقدمت باستقالتي من العمل من الوزارة تاركا تساؤلات عدة حول أسباب عدم حضور الخبير! منها.. هل التخطيط (زعلوا) علي مرة ثانية عند تكرار إجابتي لتساؤلهم الأخير؟ مضت الأيام والشهور حتى كتابة هذه السطور لم يأت خبير بالمواصفات التي طلبتها او غيره.
لكن بعد سالفة (السطل) عرفت ليش الاخوة في التخطيط (زعلانين علي) و... (ليش) ما حضر الخبير!!