ليس فقط في رمضان تنتج هذه الأرض الخيرات، ليس فقط في رمضان ينشط ويستنفر ويلبي أفراد المجتمع الكويتي نداء المحتاجين، ليس فقط في رمضان مساجدنا مضيئة وعامرة بالمصلين، ليس فقط في رمضان يصلي تارك الصلاة، ويسجد لله متقاعس بليد ويتطهر لسان النمام واللماز.
تستمر مشاريع الخير بالنماء في كل بقاع الخليقة نتيجة استمرار تدفق مواردها المالية من محسني الكويت ومتبرعيها دون توقف، فيستمر جريان الدم في عروق الثكالى والأرامل والمعوزين واليتامى والمحتاجين، تدب الحياة في قلوب المشردين والمرضى على أسرتهم البيضاء بالمستشفيات هنا وهناك، تستمر عجلة البناء في مشاريع قرى المضطهدين في أقاليم موت وهلاك المسلمين رغما عن قوى الغدر وأعداء الإسلام والمسلمين، تدور رحى أم اليتامى لطحن الدقيق ليخرج خبزا للأطفال وتطهو طعام الجياع وتشمر عجوز المنزل تحضر قوت يوم أسرتها، وتحيك فتيات القرى سرابيل الرجال والأطفال لتقيهم سموم الأيام، ويشيد شباب القرى المنازل لتصد عنهم رياح المجهول، تقاوم أعمالنا الخيرية سراق الأمل.
غراس الألم لكي لا يبقى ناطق بالشهادتين ولا يعلو صوت الآذان مناديا «حي على الفلاح» ثم «قد قامت الصلاة» يصدح صداه من على مآذن الحق المتربعة على قممها أهلة مذهبة تلامس الأفق البعيد ويمر عبر مكبراتها صوت الحق يشنف مسامع اخوة لنا بالإسلام لترتفع أكثر قاماتهم تعانق هامات السحب، يستمر تدفق الخير من أهل الخير ليستر الرجال به عوراتهم وتحتشم القوارير منه بلباس الوقار وتكسى أجساد الأطفال بطيب الملبس وتسد أفواه الجياع بلذيذ الطعام وتداوي المرضى من سقم الأمراض وتغسل وتكفن وتشيع الموتى الى مثواها الأخير على أكتاف الرجال.
إنها الكويت، وتقديرا لها ولجهودها توجت بتسميتها «مركزا للعمل الإنساني» وإطلاق لقب «قائد العمل الإنساني» على صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد الذي يحرص بصفة شخصية على أعمال الخير حتى امتدت إلى معظم أرجاء الأرض، فضلا عن مشاريع الجمعيات الخيرية والجمعيات الأهلية بكل تصنيفاتها والمبرات الخيرية بتنوعها لمساعدة المحتاجين والمنكوبين بغض النظر عن الدين أو الوطن أو الجنس أو اللون.
ليس فقط في رمضان.
فإغاثة المنكوبين في حالات الكوارث والنكبات والحروب والمجاعات وأي ظروف مشابهة لإيوائهم وإعانتهم على التأقلم مع الأوضاع المأساوية وإنشاء المشاريع التعليمية والتدريبية المختلفة لتنمية الطاقات البشرية واستغلالها والعمل على القضاء على الأمية وإنشاء المشاريع التنموية الإنتاجية في المجتمعات الفقيرة بغرض تمكينها من استثمار مواردها البشرية والمالية وثرواتها وتوفير فرص العمل ليتمكن أفراد تلك المجتمع من العيش الكريم معتمدين على أنفسهم لا تخضع لعقارب الساعة أو مناسبة دينية أو غيرها أو فقط في شهر رمضان، بل هو عمل وثقافة جبلنا عليها نحن أهل الكويت ومن يعيش بيننا مصداقا لقول الحق تبارك وتعالى (مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء والله واسع عليم ـ البقرة: 261).