قمت بعمل بحث مكتبي عن الأحداث المنحرفين، بلغ عدد عينة الدراسة (14505) أحداث صدرت بحقهم أحكام قضائية، تراوحت أعمارهم بين (8 و18) عاما، تعددت قضاياهم ما بين (ضرب ومشاجرة، أذى بليغ وإحداث عاهة مستديمة، إتلاف، سلب بالقوة، القذف والسب والشتم، خطف وهتك عرض، حيازة سلاح واستعماله ضد الغير، حريق عمد، شروع بالقتل والقتل العمد) جاءت نتائجها غريبة ومفاجئة، منها، أولا: اكتشفت صحة المثل القائل (كل ما كبر دبر) أي كلما كبروا (بعض) أطفالنا خربت أخلاقهم وانحرفت سلوكهم عن الصراط المستقيم، والدليل أن نسبة عدد المنحرفين في المرحلة الابتدائية لا تتجاوز (5.7%) من إجمالي العدد المذكور، بينما تزيد نسبة عدد الأحداث المنحرفين تصاعديا في المرحلة المتوسطة لتبلغ (24.8%) أما عيالنا في المرحلة الثانوية فقد بلغت نسبة المنحرفين منهم من واقع اجمالي العدد الكلي سالف الذكر (26.7%) أي أن كلما كبر الطفل ونضج عقله وتغذى بالمفاهيم التربوية وتشبع بجميع متطلباته النفسية والاجتماعية والشعور بالانتماء والأمن الاجتماعي في كنف أسرته مع تحقيق جزء من متطلبات الذات لديه يميل مع الأسف الشديد إلى ارتكاب الأعمال التي يخالف عليها المجتمع والدين والمنطق والقانون! وبالمناسبة وقبل الدخول في ذكر التفاصيل أود أن أشير إلى أن العدد المذكور ليس هو العدد الحقيقي الذي يعكس عدد الأحداث المنحرفين في المجتمع الكويتي وذلك للأسباب التالية: - أن كثيرا من الحالات التي ارتكبت جرائم العنف لم تسجل عليها قضايا وانتهت المشكلة بعد حدوثها إما باتفاق أطراف النزاع على إنهاء المشكلة باعتبار أن كل طرف حصل على حقه، هروب أطراف النزاع، حفظ القضايا.
لذا يعتقد كاتب السطور أن عدد حجم المنحرفين في المجتمع الكويتي (خلال الفترة الزمنية للدراسة) يزيد على العدد المذكور بكثير ومن خلال النظر في معدل جرائم العنف والعدوان المذكور في دراستنا فقد كان عددهم 5522 حدثا من اجمالي عينة الدراسة أي بنسبة (38%) موزعة الى ثلاث مجموعات، الأولى: ضد النفس ممثلة في شروع بالقتل وعددهم 50 حالة.
والثانية: ضد الممتلكات ممثلة في الحريق وعددهم 63 حالة، أما قضايا الإتلاف فقد بلغ عددهم 498 حالة، والثالثة: بقية الجرائم وعددها 4911 حالة.
نلاحظ أن كثيرا من جرائم العنف والعدوان تمثلت في الضرب والمشاجرة وأسبابها (حسب نتائج الدراسة) هو النمو الجسمي الذي يستولي على تفكير الحدث وتظل ذاته الجسمية محور اهتمامه حيث تتولد تناقضات نفسية واجتماعية فهو يبدو في صورته الجسمية (ريال) مكتمل البنية ألا أنه لايزال في كثير من رغباته كبير الشبه بالأطفال فيتعامل بقوته العضلية فتكثر جرائم الضرب والمشاجرة، وهناك أسباب أخرى منها خوف (عيالنا) من الانسلاخ من الجماعة والخروج من دائرة الانتماء والرفاق الذي يقودهم إلى القيام بالأفعال المجرمة تحت ذريعة (الفزعة)، النخوة أو الحمية التي تتحكم في سلوكهم لتأكيد روح الجماعة والانتماء لهم لنكتشف مدى حاجة أبنائنا إلى هذا النوع الأهداف.
كآباء، يجب الاعتراف بفشلنا (البعض) في التربية ولو نجحنا في زرع الثقة في نفوس أبنائنا وأنهم رجال المستقبل لما بحثوا عنها في دائرة الانتماء وبعضوية الجماعة ولعل الأمثلة كثيرة في أبناء بعض المجتمعات التي لا يعرف أبناؤها نظام الحمية والفزعة في أمور الشر.
هناك حقائق مثيرة لا يسع المجال لذكرها في هذا المقال.