في عام 2010 انتجت وزارة الشؤون برنامجها التلفزيوني الحواري الأسبوعي «شأن عام»، وكان من أهدافه الرئيسة هو الرد على الاتهامات والملاحظات الواردة من بعض المنظمات الدولية ضد الكويت حول قضايا منها ما يتعلق بقضية «الاتجار بالبشر»، حيث ركزت تلك المزاعم على قيام ما يسمون تجار الإقامات بجلب العمالة للكويت وتركها بالشوارع يهيمون ويجولون ويصولون للبحث عن رزقهم بالطرق والوسائل المخالفة لقوانين البلاد، من هذه العمالة من هو متخصص في أعمال البناء والصباغة والسباكة... الخ من المهن الفنية التي يحتاجها السوق المحلي.
إذا «تبي تصبغ البيت أو تبني طوفه» ما عليك ألا أن تؤدي صلاة الفجر في أحد مساجد منطقة خيطان أو حولي، حيث تجمعهم للحصول على قوت يومهم فتجدهم وقوفا جماعات يضعون بقربهم أدواتهم التي تبرز تخصصهم المهني للاستعانة بها في عملهم، فتجد الصباغ على سبيل المثال يمسك بيده بروش وعصا طويلة وقد ثبت في أولها «رول» إسفنجي لزوم صبغ الحيطان وغيره، وآخرين يمسكون بأيديهم الغربال (منخل) فتعرف أنه مساح أو بناء وهكذا.
في أحد الأيام عزم فريق عمل برنامج «شأن عام» تخصيص حلقة حول هذه العمالة السائبة والتي تشكل مثالا ضدنا من أولئك الذين يتبجحون بتهمهم للكويت وأنها من الدول التي تتاجر بالبشر.
خصصت هذه الحلقة لعقد لقاءات مع العمال في مواقع تجمعهم ليتحدثوا ويعترفوا بأنفسهم عن الكيفية التي مكنتهم للوصول إلى الكويت ومن هم الذين قبضوا «الفلوس» وهل هم ممن غرر بهم و«أنقص» عليهم وقاموا بدفع أموال للحصول على إقامة وعمل في الكويت؟ «دارت» كاميرات تصوير البرنامج بعد صلاة الفجر مباشرة وعلى أضواء سيارات المصورين ليدور الحوار معهم وتكون النتيجة التالية:
1 ـ أجمع العمال الذين تمت مقابلتهم في ذلك البرنامج على أنهم دفعوا أموالا كثيرة حتى وصلوا الى الكويت بعد أن قاموا ببيع «حلالهم» من الأبقار والجواميس والماعز، فضلا عن قيام بعضهم ببيع «فدادين زراعية» مملوكة لهم ودفعوا ثمنها لبني جلدتهم نظير سفرهم للكويت بعد أن أوهموهم بأن وظائفهم تنتظرهم مقابل رواتب شهرية مجزية لدى مؤسسات إنشائية وشركات كبرى تضمن لهم العيش الكريم، وبهذه الخدعة الكبرى ضمنوا لأنفسهم الأعمال التي يسترزقون منها لا أن يواجهوا مصيرا مجهولا بالشكل الذي هم عليه!
2 ـ أجمع العمال المشمولين بتصوير تلك الحلقة أنهم لم يشاهدوا الكفيل الكويتي البتة ولا يعرفون إلا اسمه المدون بملصق الإقامة! وعند اقتراب انتهاء إقامة أي منهم ورغبته في تجديدها لعام أو عامين آخرين عليه القيام بدفع مبلغ يعادل ما قام بدفعه في المرة الأولى عند حضوره البلاد وأن يكون الدفع هذه المرة لمندوب وافد مقيم يعمل لخدمة من «قص» عليهم وأوهمهم في المرة الأولى.
يقول أحدهم أن المبلغ الذي سأدفعه لتجديد اقامتي هو اجمالي محصلة عام كامل من الجهد والعمل الشاق نقدمه لمصاص الدماء في بلادنا!
3 ـ أجمع العمال على أنهم يحصلون على عمل بشكل يومي، وأن القليل منهم لا يحالفه الحظ في الحصول على عمل، لكن الاجماع اللافت للانتباه قولهم عدم تعرضهم لأي مضايقات من قبل السلطات الكويتية المختصة ومنها فرق التفتيش المعنية بالقضاء على العمالة الهامشية أثناء وقوفهم في الشوارع وانتظار فرص العمل، وأنهم يحصلون على قوت يومهم بسهولة ويسر وأنهم ينعمون بدخل يومي مرض في بلد الإنسانية، لكن سيوف القدر مصلتة عليهم ممن امتصوا دماءهم من خارج البلاد.
هناك الكثير من الحقائق التي تدحض مزاعم اتهام الكويت بالاتجار في البشر، حتى أن تلفزيون الكويت قام مشكورا بترجمة حلقات البرنامج للغة الانجليزية إدراكا لأهميتها.