تسلمنا نحن أصحاب أقدم محلات أسواق المباركية بناء في الكويت إنذارا من البلدية تطلب منا إخلاء محلاتنا تمهيدا لهدمها.
لماذا تلك المحلات الأقدم والأعرق تراثا والأصدق تعلقا وتمسكا فيما تبقى من هويتنا التراثية الوطنية؟ لا أملك الإجابة!
في السطور القادمة سأكتب عما يشعر به العديد من أصحاب المحلات المستهدفة من ظلم وتعسف واستنكار لننقل شكوانا من بعد الله إلى من يهمه أمر تاريخ الكويت وتراثها وهويتها الوطنية وأرثها المتبقي على جدار أقدم موقع تراثي تعتزم البلدية القيام بإزالته وهدم تراثنا وفق جدول زمني مبرمج، غريب المنهج، مجهول النوايا بعدما أزيلت وقضي على أبرز معالم الكويت التراثية، واندثار أثمنها فلم يتبق منها إلا الصامد المتشبث على ممرات وأزقة محلات المباركية وحيدة تصرخ الآهات وتستنجد الشرفاء من أبناء وطني لإنقاذها من قرار الهدم والتنظيم المزعوم تنفيذا لرغبات أفكار الطامعين بمواقع هذه المحلات للاستيلاء عليها بأعذار واهية حتى تزداد كروشهم انتفاخا وجيوبهم تخمة دون النظر والاعتبار والاهتمام بتاريخ وطن وبتراث أمة وأرث أجيال قادمة لن ترحمنا على هدم تراثنا ومحو تاريخنا وماضينا وإخفاء هويتنا بأيدي من ستدنس يوما بذكرى تنفيذ قرار صدر دون أي أعتبار أو رغبة أمة تركت لأبنائها بصمات تخلد عظمة الكويت والكويتيين، قرار يمحو ما تبقى لنا من تاريخ عريق ارتوت جذوره بعرق جبين الآباء وبكفاح الأجداد وطمس تاريخ كان يوما عصيا على المغتصب العراقي الغازي، فصمد بوجه الغدر والعدوان، وينحني بالغد للطامعين الحاسدين الحاقدين من بني جلدتنا بدعوى شراء تلك المحلات بأبخس الأثمان لتختط شهادة وفاة إرث أجيال الوطن ويمحو من خريطة الكويت السياحية أبرز معالمها السياحية وأغلى وأثمن مواقعها وأحلى وأنقى صورها المبروزة بعنوان بتراث الكويت، اختطت حدودها بعظمة الماضي ومجد الحاضر ورؤى ساطع لمستقبل زاه وراق حتى طغت الشخصانية فاستبد الطمع والجشع حتى انحنت هامات وانحسرت الأماني والتطلعات لتنكسر الهمم والقدرات ويبقى القرار محصورا بين اليوم والأمس الذي ولى ومات.
هاهي المباركية وبعد أن أضحت قبلة السياحة الكويتية بامتياز فاق كل التوقعات لتقدم للزوار روائع من ماضينا وأمثلة للصمود والكفاح الممزوج برائحة حلوى الماضي وأهازيج الصبية وآهات الهول واليامال تفوح منها عبق الماضي التليد فنختال أصوات الغواص والتباب ونواخذة البحر ومن كفاح رجال بواديها التي امتزجت دماؤهم بدماء العجمي والقروي وكل الشرفاء نناظرهم يسيرون عبر الزمان الممتد من سوق السلاح مرورا بالسوق الأبيض وانتهاء بزقاق سوق الطحين وبشارع الغربللي.. إلخ، تحدوا التغيير والحداثة المزيفة بمبانيها الوليدة التي تحاول أن تنطق لزوار المباركية هأنا ذا ماضي الكويت، فيكذبها القاصي والداني فالحداثة والمعاصرة المزعومة تفوح بين أصباغ وتفاهات التقليد وتصارع بخيبتها أصالة الإرث والتراث والهوية المستوطنة بمحلاتنا المستهدفة بالهدم والإزالة التي لا تزال تحمل آخر ما تبقى من البناء القديم القائم دون غيره حتى الآن على (صخور بحر الكويت وطينها) الممتزج بتراب الوطن وبعرق أجدادنا وترسم على طرقات المباركية وجدرانها ما تبقى من تراث شعب أبي تحت أسقف (الجندل والباسجيل).
نعم أنا عندي محل في أسواق المباركية، وكتبت هذا المقال ليس استغلالا لكوني أحد كتاب المقالات في جريدتنا الغراء «الأنباء»، فأتجرد لأضم صوتي لصوت جيراني من أصحاب محلات المباركية المستهدفين بقرار الإزالة لنقول نحن مسؤولون عن تراث وطننا، فمن يضم صوته معنا لنقف بوجه من سيأتي يوما لإزالته؟