يقول: (ولدي) يدرس في احدى المدارس الخاصة التي اعتاد عليها وعلى أجوائها منذ بداية دراسته بالمرحلة الابتدائية مستمرا بها حتى وصل الى الفصل الثاني عشر (الرابع الثانوي) وبحكم تطور بناء شخصيته اكتشف أمرا غريبا يتعلق بسلوك بعض المدرسين وموظفيها، فمعايير التعامل بين الطلبة والمدرسين وبعض إداريي المدرسة وحتى عامل المدرسة تحكمه هوية من هو (أبوك) أو ابن من أنت؟ فإذا كان الطالب ابن متنفذ فله السمع والطاعة والمكانة المتميزة بين الطلاب، وإن كان ابن أحد كبار المسؤولين فنصيبه من التقدير كبير وكذبته (صچ) وتحايله على الطلبة واللعب (الماصخ) معهم لا يعدو عن أنه غشمرة، والتباهي والتكبر على المدرسين والحضور الى المدرسة متأخرا طويل الشعر ذي هندام فظ مشبع بالأوساخ لا يعرف للاحترام دربا يعتبرونه تصرفا صبيانيا لا ضرر منه، واحداث الفوضى سلوك برأيي قابل للتفاهم والتسوية ولا يعتبر خطأ ولن يضر بسير العملية التربوية وأن خير طريق لحل المشاكل مع (اعيال الهوامير) الاحترام ومنحهم درجات النجاح وبناء جسور قوية للعبور للدراسة الجامعية بسهولة ويسر فيقدم أولياء أمورهم الشكر لإدارة المدرسة على إتاحة الفرص الذهبية لاستكمال (عيالهم) الدراسة الجامعية دون أن يتكفل أي (هامور) منهم بدفع فلس واحد..
يكمل: أما ولدي ولأنه ابن شخص عادي فقد التمس تلك الفروقات في المعاملة بينه وبين أقرانه ممن هم بنفس مستواه ليفكر بما هو آت: في أحد الأيام وتحت وطأة التمييز البغيض بينه وبين عيال المتنفذين والهوامير وتجرؤ أحد الأساتذة علية يوما بتوبيخه أمام الطلبة دون أن يرتكب ذنبا أو فعلا يستحق عليه التعنيف المغلظ ليصل ذروته عندما انفجر ولدي قهرا صارخا بوجه ذلك المدرس قائلا لماذا لا (تهاوش) الطالب فلانا فهو من أخطأ واعتدى علي، فقال له المدرس (مالك شغل وخلك في حالك) فرد عليه ولدي وقال للمدرس بل لأنه ولد فلان الذي يرعبك ويرعب إدارة مدرستك (وتخافون) تكلمونه وتوجهون جل جام غضبكم علينا بسبب عدم وجود سند و(ظهر) لنا، فأجبره المدرس على السكوت وقبول العقوبة والتوبيخ أمام الطلبة وبعد مرور يومين تكرس خلاله شعور ولدي بالاضطهاد والتمييز والظلم والتفرقة بينه وبين الطلبة المتنفذين آباؤهم وخلال تواجده بالفصل فكر في عمل شيء يخلصه من الشعور بالدونية بينه وبين الطلبة الآخرين الذين يتمترسون وراء أسماء آبائهم الرنانة، فجاءته فكرة ولدت من رحم الذل والقهر الذي كان يشعر به، باختصار شديد تقوم فكرته بتكليف أحد أصدقائه بإشاعة مقولة بأنني أنا يا (أبوه راح أنزل انتخابات) مجلس الأمة القادم.
يقول ابني، وعليه.. انتشرت تلك الإشاعة مثل النار بالهشيم وإذ بتغير سريع استجد بسلوك وتعامل المدرسين معه وبالأخص ذلك المدرس الذي قام بتوبيخه وإذلاله أمام الطلبة مع تغير كلي في المعاملة حتى إدارة المدرسة وحارسها الأمني التمس منهم طريقة أكثر احتراما وتقديرا لشخص ابني ومن يسير معه من أصدقائه حتى أن يوما افتعل ابني خلافا (هوشه) وكان هو من اعتدى على طالب، وبدلا من أن يعنف وتطبق ضده إجراءات تأديبية انقلب الموضوع على الطلبة الآخرين (وطلع) منها بسهولة.
بعدها أدرك فهم ابني أن المجتمع طبقات، والناس درجات، والأسر تحكمها فروقات، وحناجرنا تصدح بالأصوات وفق ترانيم من الهجمات والصيحات!!