أسدل الستار على مظاهر الفرح بأعيادنا الوطنية (59) وذكرى تحرير وطننا الكويت (29) ولم يسدل الستار على بعض الممارسات المعبرة عن أفراحنا بالشوارع وأماكن التقاء الجماهير والتي يوصف بعضها بالأعمال المخالفة للقوانين وأعراف وثقافة مجتمعنا وأخلاقه حتى انها أضحت دخيلة عليه وعلى قيمنا وعاداتنا، والمشكلة تكمن في استفحال بعض تلك الممارسات وتخطيها روح المنطق والعقل (خل يستانسون.. هذيله يهال !!).. مقولة متدثرة بالعواطف، ومستترة بالاعتبارات المهدئة التي لا تعفينا من المسؤولية، لأن نتائجها وخيمة بعدما انحرفت بعض الممارسات عن المعقول والمقبول فالوطن لا يحتاج الى النفوس المريضة وبعض المنحرفين سلوكيا لتمثيله في يوم ذكرى استقلاله ولا في ذكرى تحريره من المغتصب لأن الوطن شامخ واسمه يعانق هامات السحب فهو وطن النهار. قمت بالبحث عن جواب لعنوان هذا المقال (هل للفرح ثقافة)؟
بعد أن ضفت عليه التساؤلات التالية: هل الفرح مشاعر تعبر عن مكنون الخاطر بصورة عشوائية تلقائية تتخطى أحيانا مرحلة الاتزان العقلي والعاطفي لتتفوق على الممكن واللاممكن ومن ثم (نبلع ممارسات عيالنا) أثناء احتفالاتهم بأعيادنا الوطنية؟ أم ان هذه الممارسات آنية الزمان؟ متفرقة المكان؟ أسيرة للعواطف والأحاسيس و(نطوف) لهم زلاتهم؟ وجدت بعد البحث أن الشخصية العربية تمجد الخزن، والفرح نادر، شاذ وغريب! والكوميديا شحيحة!!
لأن القاعدة العامة عندنا هي الحزن والكآبة! حيث ارتباط الجدية بالتهجم، والوقار بالعبوس! واعتبروا الفرح من الناحية الذهنية هو اللامسؤولية والانفلات! وأن حالة السرور والفرح هو حالة وجدانية وغريزة شعورية ومبعث أنس وراحة بال ودليل صحة وسلامة، وسبب ألفة ومحبة ورد فعل طبيعي يعيشه الإنسان عندما يواجه أسبابه. في العصر الحديث ومع التوسع المعلوماتي والحراك الثقافي والانفتاح الفكري لمجتمعات سريعة التغير تعددت الآراء حول مفهوم الفرح وضوابطه فهناك رأي اتخذ من الفرح واعتبروه مجالا للانفلات وللتجاوزات ومخالفة القوانين كالذي يحدث عندنا وشاهدناه ولمسناه في بعض شوارعنا أثناء الاحتفالات الأخيرة (الله يستر من اللي جاي). والرأي الآخر حدد مساحة الفرح في سماء الأنس وأحشرها في أضيق الزوايا، وأعتقد أن الأصح هو اتباع خطى الخلق القويم المبني على قيمنا الإسلامية النبيلة وعاداتنا الاجتماعية التي تربينا عليها والتي تمثل منهج حياة وطريقا وأسلوبا للتعامل، ووسيلة تعايش، وحالة تكيف، مع مشاعر النفس ومؤثرات الحياة، وتفاعلات الوجود، ومتغيرات الكون دون تخطي حدود العقل والمنطق.
هناك إغفال من منهاجنا التعليمية حول ثقافة الفرح، كما أن الوسائل الإعلامية لم تقم بمسؤولياتها الاجتماعية حول هذا الموضوع لأسباب لا يسع المجال لذكرها، حتى (خلينا) البعض يقول إن للفرح جوانب بغيضة يستوجب الابتعاد عنها! متناسيا أهمية الفرح وممارسة هذه الحاجة الفطرية شريطة أن نتعلم كيف نمارسه ونحوله إلى سلوك يبعث إلى الراحة والتفاؤل، وأن يصبح الفرح جزءا من ثقافتنا وسلوكنا وأن نقتدي بما علمنا به معلم البشرية عليه أفضل الصلاة والسلام لنفقه بأسلوب الاستمتاع البريء في الفرح بالمناسبات السعيدة بعيدا عن الإساءة للآخرين.
من هنا عرفت أن مظاهر الفرح تحتاج إلى ثقافة فائقة الرقي تعكس أخلاقيات المجتمع المسلم المحافظ الغيور على مصلحة وطنه من جانب وقيام الجهات المعنية بتنفيذ دراسة حول أسباب قيام شبابنا بافتعال السلوك الشاذ والغريب الذي لا يمت لسلوكنا ولا لثقافتنا بأي صلة حتى تستخلص النتائج وتطرح حلولا لمعالجة غياب ثقافة الفرح التي هي بالأصل موجودة ونمارس هذه الحاجة الفطرية بعد أن نتعلم قوانينها وأسسها ليعكس أخلاقيات مجتمع راق اسمه الكويت.