يقول: عند فجر الثاني من أغسطس ١٩٩٠ دخل المغتصب الغازي أراضينا ودنسها باحتلاله، فلم يكن لدينا نحن المواطنين في الخارج أي خيار سوى البقاء حيث نحن أو أختيار أي بلد آخر في العالم للتوجه والعيش فيه حتى يقضي الله أمرا كان مفعولا، لذا اخترنا السفر من سويسرا، حيث نقضي شهر عسل منقوص الى المنطقة الشرقية في المملكة العربية السعودية، حيث الأمن والأمان والمصير المشترك.
مرت الشهور الستة العصيبة، واقترب الفرج من خالق البرية بالضربات الجوية، ثم التحول الخطير بتوجيه صواريخ الغدر الى الأراضي السعودية، فأجبرنا على (النحشه) والهروب الى عروس البحر الأحمر (جدة) خوفا من المجهول، ليسخر منا الأصدقاء على الهروب المضاعف، في الوقت الذي يرزح الكويتيون الصامدون بفم الموت وتحت رحمة المغتصب ترعاهم عناية الرحمن، ثم جاء النصر المبين من الخالق القوي العظيم، لتعود الكويت للكويتيين.
يكمل: بعد مرور قرابة الثلاثين عاما، يشاء رب العباد أن تصاب البشرية أجمع بمرض كورونا، لنكتوي بمثل ما اكتوى به العالم، وتقف حكومتنا موقفا شجاعا وبطوليا لمواجهة الغازي الجديد بكل امكانياتها وفق استراتيجية محكمة لمواجهة المرض، فبدأت بتنفيذ خطواتها العملية المهنية الشجاعة وأبهرت العالم أجمع بنتائجها المأمولة بإذن لله ومنها حظر التجول الجزئي في البلاد، واستحابة لهذا القرار، وحفاظا على حسن تطبيقه، وبعد التوكل على الله، أخذت (عيالي) وحجرنا أنفسنا في مزرعتنا في العبدلي مع اتخاذ كل مايلزم لتطبيق الاجراءات الاحترازية اللازمة ومنها عدم مخالطة (عيالي) وكذا الخدم بالغرباء بدءا من موظف توصيل الطلبات ومرورا بأصدقائهم وإنتهاء بسائق البيت، أما أم العيال فقمت بعزلها وحرمانها من جلسات شاي الضحى ومخالطة فلانة وأم علان!
في إحدى ليالي الجمعة من الشهر الماضي وعند منتصف ليل العبدلي، وبينما مرتادوها يستمتعون بأجوائها النقية وآخرون يغطون بنوم عميق، اهتزت بنا الأرض لثوان قليلة مع دوي انفجار شديد أوقف (هذرتنا وسوالفنا) وتحليلات ابنتي الكبيرة (وتفلسف) بقية أبنائي عن مرض كورونا وبدا الجميع متشنجا اثر ما شعروا به وسمعوه، فأخذ كل منهم (يخز) الثاني (شنو هذا الصوت) ثم أردف قائلا: في تلك اللحظات استوجب علي إظهار ردة فعل ما (لازم أقول شي) فبدأت بتوزيع ابتسامة صفراء على الجميع وبداخلي خوف وتردد (شفيكم يا الخوافين) نحن قريبون جدا من مكامن النفط وهذا قد يكون صوت تشغيل شيء ما يتعلق بحقول الشمال.. تطمنوا (ما كو) الا العافية وعاد الجميع الى اللعب.
في صباح اليوم التالي قمت بفتح التلفاز (قناة الكويت الاولى) وإذ بشريط الأخبار أسفل الشاشة يعلن بأن الشبكة الوطنية الكويتية لرصد الزلازل، سجلت وقوع زلزالا بقوة (3.2) درجة على مقياس ريختر في شمال منطقة العبدلي! فأدركت حينها أن الذي سمعناه وشعرنا به ليلة البارحة كان زلزالا! فحمدت الله على أن أي من أفراد أسرتي لم يعلم بحقيقة الأمر.
سرحت قليلا بشريط ذكرياتي حول أيام الغزو - الله لا يعيدها - ونحشتنا الثانية الى جدة وسألت نفسي لو علمت أسرتي عن زلازل البارحة (وين أنحاش فيهم)؟ فتذكرت قول الباري عز وجل (قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا) وأن أستعيذ بالله من الشيطان الرجيم ومن مرض كورونا، ثم حمدت الله على كرم لطفه وحمايتنا من زلزال العبدلي وأن هذا الجيل ما يطالع التلفزيون!