أعجبني قول أحد البلغاء عندما قال: من رزقه الله همة عالية، تخطت به أسوار الأماني، وتقحمت به الشدائد، لأنه دائما في اندفاع وتوثب.
إن الباحث في التاريخ التطوري الإنساني الكويتي يجد ذلك الأنموذج من العطاء والبذل والإيثار للجهود الجبارة التي قدمها أبناء الكويت لمجتمعهم وللأمم والشعوب الأخرى حكاما ومحكومين، منها على سبيل المثال لا الحصر:
- المساعدات المقدمة للقبائل، والدول المنكوبة قديما، فرغم قلة ذات اليد في ذلك الزمان، الا أنهم أجزلوا العطاء
- فزع أهل الكويت فزعة رجل واحد حين أصابت الكويت عدة نكبات وكوارث منها أزمة الهيلق (اسم اصطلاحي) بين الأعوام (1285- 1366 هجرية/ 1868- 1946 ميلادي).
- حدثت مجاعة عظيمة في منطقة الجزيرة العربية وبلاد فارس استمرت ثلاث سنوات حتى سنة 1871م، وقد أصابت هذه المجاعة الكويت، وتسببت بهلاك بعض الكويتيين بسبب الجوع، وتجاوزوا هذه المحنة بفضل الله ثم بفضل بعض المحسنين، حيث قام المحسنون بمساعدة المحتاجين بما يملكون من مال، وتوزيع الطعام في الأسواق والطرقات، حتى من الله برحمته على عباده وكان التكاتف والتكافل الاجتماعي صفة الكويتيين ولاتزال.
- في عام 1872م (قبل 140 سنة تقريبا) غرقت سفن كثيرة لأهل الكويت ففزع الناس لمساعدة المتضررين وقدموا صورة نادرة لشعب تجرد من ذاته لنصرة إخوانه المحتاجين.
- مساعدة وإغاثة الدولة العثمانية في حريق (استانبول) الذي وقع عام 1910م، وتبرع الكويت السخي آنذاك، وإهداء الدولة العثمانية لحاكم الكويت وسام (مجيدي) من الدرجة الأولى.
- عام (1934م) سمي بسنة (الهدامة) إذ تهدمت بيوت كثيرة للكويتيين ففزع أهل الكويت لنجدة أصحابها.
وفي العام نفسه قامت الكويت بعمل انساني لنجدة فلسطين وتقديم التبرعات المادية والعينية الى العديد من الدول الى يومنا هذا، الأمر الذي أعجب العالم والمفكرين والأدباء والمؤرخين، حتى حذا حذوها العالم ويصبح العمل الإنساني الكويتي مدرسة ذات منهج إنساني خيري فريد.
وفي العهد الحديث، تحققت نقلة نوعية في استراتيجية هذا العمل لتفرض عظمته وإنجازاته وتحتل تقاريرها صفحات وسجلات أممية بنهج فريد بتحول هذه المساعدات من العمل الخدماتي الإغاثي الى أعمال تنموية رائدة ذات منهج تنموي سعى ويسعى لانتشال الفقراء والمحتاجين من مستنقعات الفقر والأمراض وتحويلهم الى شعوب منتجة برؤى إنسانية حضارية تحافظ على آدمية الإنسان وكرامته.
ولا أساس لهذا التأريخ لولا أن من كان يتربع على عرش سياستنا الخارجية ربان مثلك يا أمير الإنسانية، عضيده للخير مباركا وهاديا سمو الشيخ نواف الأحمد أطال الله بعمركما.
لقد اختطت في عالم الإنسانية جغرافية حبرها الكويت، وأضاءت قناديل للمحسنين وسائل جهلتها بوصلة العالم وتتضاعف أموال الخير وتنصب بأفواه الجياع والثكالى والأيتام لتلتقي على شواطئ الرحمة تكمل مشوار حياة، وتعلن للعالم أجمع أن للإنسانية أميرا وقائدا هو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح وللعمل الإنساني مقرا هو الكويت، فتلك الشهادة الأممية والتسمية لم تأت من فراغ.