غريبة وعجيبة هي الحياة، ورغم ذلك نحبها ونعشقها من صميم قلوبنا، عجيب أمرها فكل ممنوع مرغوب وكل مطلوب مفقود وكل موجود مزهود فيه، نقضي معظم أيامنا مشغولين خلف بصيص من النور يتباعد كلما اقتربنا منه ونتناسى ما بين أيدينا من إضاءات وشموع، تغرينا قطرة ماء معلقة بين السماء والأرض فنفتح أفواهنا علها تسقط بجوفنا وتنبت أزهارا، ونغفل عن أجسادنا التي يغرقها ماء صاف من أرضنا الطيبة لكن لا يثيرنا أي اهتمام.
عجيبة هذه الدنيا لا تصفو لأحد صفاء دائما، تجعلنا متأرجحين بين الفرح والحزن وبين الضحك والبكاء فلا نعلم هل نحن سعداء أم العكس، لا نقف عند محطة واحدة ونرتاح عندها بل نترحل من مكان لآخر عن ماذا نبحث وعمّن؟ يدفعنا الشوق للعيش سعداء غير واعين لما يدور حولنا ولا نكتشفه إلا آخر أيام حياتنا وبعد فوات الأوان.
غريبة هذه الدنيا تزين لنا الأشياء والناس وتجعلنا نعشقهم ثم تدير لنا ظهرها، فهذه الدنيا مملوءة بالناس وهم أجناس مختلفون فمنهم أصحاب مبدأ وضمير ومنهم الصريح والواضح ومنهم المنافق والكذاب «يا كثرهم»، يقول الإمام علي كرم الله وجهه «ما أقبح بالإنسان أن يكون ذا وجهين»، وهؤلاء الفئة منقسمون على أنفسهم، شخصيتان تعيشان بجسد واحد: الأولى تخدع الناس بكلامها وملابسها، والثانية تعبر عما بداخلها، ولا يطلع أحد عليها من الناس وهي فئة خطرة على المجتمع لأنهم مرضى ليسوا آمنين لا على أنفسهم ولا على من حولهم، يكذبون على أنفسهم ليرضوا الناس ويكذب أحدهم على الناس ليخفي الواقع الذي بداخله من نفاق فهو مخادع والأهم أنه يظن انه هو يخدع الله سبحانه وتعالى، وقد ورد بالقرآن الكريم أكثر من سبع وثلاثين آية تدل على خطر هذه الفئة من البشر، وفي أغلب الأحيان تكون ضحاياها ناسا طيبين لا ذنب لهم سوى ثقتهم بهؤلاء المنافقين، والله لا يبارك فيهم ولا يوفقهم.
هؤلاء ينظرون للأمور على حسب منفعتهم الشخصية، لا توجد عواطف وحب وود في تعاملاتهم فيعتقد أحدهم أنه ناجح لكن الحقيقة انه فاشل لأنه باع نفسه وشخصيته لرغباته، هو كسلعة رخيصة معروضة للبيع في سوق مصلحته الخاصة وشعاره «أنا كما تريدني أن أكون بس شغلي يمشي»، هؤلاء هم في الدرك الأسفل من النار وهذا مكانهم الطبيعي لأنهم أدنى مرتبة من البشر، ناس متلونون يستغلون حاجة الناس وطيبتهم وبساطتهم يصورون نفسه مثال الطيبة والنقاء ليكسبوا ثقة الناس فيستسلموا لهم.
هاها أيها المنافق «لا يصح إلا الصحيح» ستنكشف يوما ما، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا اؤتمن خان، وإذا وعد أخلف».. الحياة حلوة فقط نفهمها.
[email protected]