عندما كنت في سن المراهقة ومع الكثير من العبث كان يقلقني كثيرا رأي الناس عني وأهتم بتحسين نظرتهم لي وكم أفرح عندما أسمع من أحد أنني ممن يتمتعون بسمعة جيدة وأغضب كثيرا عندما ينقل لي عكس ذلك حتى أصبح ذلك هاجسا أترقب أخباره ويؤرقني، لا أعتقد بأن أحدا لم تمر عليه هذه الحالة والأكيد انها تتلاشى مع تقدم العمر، فما عاد يعني لي رأي الكثيرين شيئا، ولم أعد أهتم بما يقال أو بما يذكر عني كثيرا، والمهم أن أكون أنا على قناعة بأنني عندما أضع رأسي لأنام أعلم أنني أترقب رضا الرحمن لا غيره، فمن رضي عني من الناس فخير ومن لم يرض عني فلا ضير في ذلك، لا أعلم هنا هل هو من توافق النفس أم من استتفاه الكثيرون ممن كنت أعتقد بأنهم مهمون في حياتي وأهتم كثيرا برأيهم، فقد كانت تحيط بهم هالة ضوئية تعظمهم في عيني وسرعان ما تلاشت باحتكاكي بهم ومعرفة الكثير من تفاصيل حياتهم.
هل للسمعة أهمية تتحكم بسلوكك كفرد؟ وإن كان لهذه السمعة ثمن، كم تعتقد أن يكون ثمنها؟
المتابع للشأن العام يعلم بتبعيات الكثير من رواد الفكر أو رواد الرأي العام في الكويت ويستطيع تميز من كان على حق أو من كان يأتمر بالأمر الصارم وان عليت مكانته أو تميزت تغريداته، فالكثير يتبع القليل، وهذا لا بأس به إن كان المتبع منهم إنسانا غير مؤثر وبسيط يبحث عن لقمة العيش والقليل من الشهرة لا أكثر، أما الغريب فاستدرار بعض ذوي السمعة الإعلامية جيوب أهل المصالح وعرض الخدمات مثل من يتاجر بالحرام، وعذره إن تركت هذا الباب انقطع رزقي وأخذ مكاني غيري دون ارتباط روحي بالكريم سبحانه ودون قناعة بأن الله هو مقسم الأرزاق، عموما بالعودة إلى سؤالي السابق كم ثمن السمعة؟ وبكم تباع؟، اعتقد أنها لم تعد ذات طابع خاص ولا ذات أهمية تذكر لدى الكثير من رواد الإعلام بشتى المشارب، والمهم هو المال الذي يسومه سوء الفكر وبيع ما بقي من كرامة، والمشكلة الأعظم أن الكل يعلم ولا أحد يعلق ولا أحد يهمه بل الكل يريد أن يعرف من الممول الجديد فقط لهذا الإعلامي ويحاول فك رموز كلامه أو تصريحاته الجديدة فقط، يقول أبو الطيب وباختصار شديد في بيت المشهور:
من يهن يسهل الهوان عليه
ما لجرح بميت إيلام
المهم في الأمر أنك لا تستكبر ولا تعظم أحدا ممن يتعاطى الإعلام ولا من الإعلاميين أو الكتاب أو المثقفين أو المغردين أو غيرهم، فالعهد الذي بيننا وبينهم الحق فمن تركه فقد فشل ولا لسمعته أو فكره أو أطروحاته أي معنى يستحق الاحترام أو التصديق إن عرض سمعته للبيع ووجد من يدفع أكثر.
[email protected]