عند انتهائي من بناء منزلي وفي الترتيبات الأخيرة كثر العمال وتمايزوا بين اختلاف المهن والتشطيبات، وخلال مراحل الصبغ وبعد اختيار الألوان والأشكال تركت أحد العمال في المنزل وحيدا يهيئ الحوائط بالأساس الأبيض لعمل الصباغ عند الانتهاء، رجعت للمنزل أتابع الأعمال وما أنجز منها وإذ بي أسمع صوتا حسنا ذا طابع رخيم وقد أضفى صدى المنزل الخالي عليه جمالا آسرا.. آيات تتلى بإحساس كالخيال، علمت أنه أبو داوود الصباغ الذي يهتم بعمل المنزل، لم أشغله أبدا وتعمدت أن أسير بهدوء حتى يتسنى لأبي داوود أن يشجو بهذا الصوت، لم تطل المدة وظهرت لأبي داوود باسما وسلمت عليه وتكلمنا بما تم عمله وكيف تسير الأمور وخلال ذلك هنأته على هذا الحفظ وهذا الصوت الجميل، فأخذ يدعو الله لنا أن يأمننا في دارنا ويديم علينا الخير والرخاء وأن لا يسلط علينا من لا يخافه ولا يرحمنا، وأقسم يمينا عظيما أننا في أرض لا يظلم فيها أحد ولا يساويها في الأرض غير أرض انقطع ذكرها وغابت عن الخريطة مقسمة لعدة دول ويعني هنا (الحبشة).
في بداية عهد النبوة ظلم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وأمرهم بالهجرة كسنة أولى من السنن فهجر المكان الظالم وأنت ضعيف سنة المسلمين، وما كان من النبي إلا أن يأمرهم بالهجرة إلى أرض الملك (أصحمة النجاشي) - رحمه الله - فهو ملك لا يظلم عنده أحد - كما وصفه النبي - فمن دخل بلاده فقد أمن من الخوف وأمن أن يحاط به ظلما.
إخواننا نواب المجلس الموقر يا من تشرعون وتسنون القوانين في بلادي اعلموا أن بلادنا بنيت على العطاء والبذل والتراحم ولم تبن على الانتهاز والجبر والفرقة وهي باقية بحول الله وغيرها إلى الزوال، واعلموا أن من أتاها للعمل فيها كمن هاجر من جور بلاده التي لا تبر إلا قيادتها ورجال السلطة فيها، ونحن لسنا كذلك، فمن باب الرحمة أن نكون رحماء بمن شاركونا أرضنا وساهموا في بنائها وإن كان بأجر، فذلك أبسط حقوقه، فنحن لا نعمل أيضا إلا بأجر وإلا كيف تقنعوني أنكم تقاتلتم للوصول للمجلس دون أجر تتقاضونه أيا كان؟! فالكل يعمل والكل له أجر.
عموما ولتبسيط الموضوع، لم أتكلم عن المستشفيات أو المرور أو التربية فهذا فيه وجهات نظر مختلفة وليس مجال الحديث عنه الآن، أتكلم هنا عن لقمة عيش الضعيف من إخواننا الوافدين، وأتمنى ألا تدفعنا العنصرية لأن نضيق عليهم فيها، فلا أقل من أن تعدل الرسوم على التحويلات المالية، كفرضها على التحويلات الكبيرة فقط أو على التجار منهم مثلا أو على التحويلات التي تفوق متوسط دخل الفرد منهم، فالعودة للحق من فضائل الرجال، وكم أتمنى أن تكون بلادي الكويت بلادا لا يظلم فيها أحد وتكون حبشة هذا الزمان ويكون والدي وسيدي أمير البلاد نجاشي هذا العصر وهو- أطال الله في عمره- أمير لا يظلم عنده احد.
[email protected]