لكل رسول سنن يتبعها ويهتدي بها من بعده ممن اهتدوا بهديه واقتنعوا برسالة ذلك النبي، ومن السنن التي توارثها الأنبياء وهي من سنن العادة - وهي سنن لا يرتقي الكثير منها لدرجة الوجوب - هي سنة حمل العصا، والقصص في هذا الباب كثيرة، فسيدنا سليمان عليه السلام مات متكئا على العصا وسيدنا موسى عليه السلام كانت العصا إحدى معجزاته والتي تحولت إلى ثعبان، وذكر الكثير حول حمل سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم للعصا.
أعتقد انه لكل من يتعاطى السياسة عندنا نوعان من العصي لا اقتداء بالرسل بل للعمل في وسط هذا المجال فهو لا يستطيع أن يتفاعل أو يحقق أي مكاسب يطمح إليها دون معرفة بالتعامل الحذر مع تلك العصي، فالذكي والسياسي الحقيقي منهم من يعلم متى وكيف يستخدم العصا والأجدر من ذلك اي عصا يستخدم في كل موقف، عصا موسى أم عصا فرعون - والتعبير هنا مجازي لا فعليا -، فلكل مقام مقال وعصا مناسبة، يعرف متى يكون مسالما ويعرف متى يكون مشاكسا، والهدف بالنهاية المصلحة والحفاظ على الطابع العام لهذا السياسي، فهو حصيلة أشخاص اعتقدوا أنه يمثلهم ويجب عليه عدم خذلانهم أبدا وإن كانت بعض المواقف تختلف مع قناعاته الحقيقية لا فرق هنا.
القليل يعلم كيف يدار المشهد العام للسياسة عندنا ففي قمة أي أزمة أو أي مطلب شعبي مستحق وعند وصول الأمر إلى الدخول في باب التأزيم كمشكلة القروض مثلا يخرج علينا وبصورة مفاجئة مشكلة تزوير عقود الزواج وبعض الاستعراض العام للفزعة والحمية من قبل البعض وإشغال العامة بتجاذبات هزلية لا تسمن ولا تغني من جوع وهنا يتضح لنا بجلاء من معه عصا الرحمة ومن معه عصا العذاب وأخطر من ذلك عندما تسلم عصا موسي وعصا فرعون لسياسي أقل بكثير من أن يقود أمة إلى المجد والرقي والحق والمصيبة الأكبر أننا نعلم أن له فيهما مآرب أخرى.
[email protected]