تابعت بكل إعجاب جلسة البرلمان البريطاني أيام التصويت على الخروج من الاتحاد الأوروبي، حينما كان ديفيد ماكرون يتولى رئاسة مجلس الوزراء، كم كان الأمر جليا وواضحا.. كم كان الساسة البريطانيون واضحين بالتأييد أو المعارضة.. كم كان كل منهم مقنعا وقويا في حججه لدرجة أنك تؤيد من يتحدث سواء كان يقبل الانفصال عن أوروبا أو يرفضه، وبعد مدة ليست بالبعيدة أتت نتائج التصويت الشعبي على ما كان واضحا بين سياسييهم سابقا في البرلمان، وهذا ما أكدته نسبة التصويت لصالح خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بنسبة فارقة بسيطة جدا 51.9% لصالح المؤيدين للخروج وكانت نسبة المعارضين للخروج هي الأقل طبعا بنسبة 48.1% وكان ذلك عام 2016 من شهر يونيو.
أتابع دائما ما يحدث وما يستجد في شأننا السياسي فلم استطع وضع المؤيدين للحكومة بكفة واحدة ضد المعارضين بالكفة الأخرى وأكثر ما يدمر هذا التعادل أو الوضوح هو تذبذب الكثير من الساسة والكتل غير المبنية أصلا على التنسيق الحزبي الحقيقي، لا ألوم أحدا هنا فنحن وحكومتنا رغم نضجنا السياسي بين الأقران لم نصل لهذه المرحلة بعد، والسؤال الأهم هنا كيف ومتى نصبح متطورين سياسيا دون خداع للنفس والوطن، فلا عمر للإنسان سيعيشه أكثر مما كتبه الله له، ولا رزق سيأخذه الإنسان أكثر مما قسمه الله له، وما نحن إلا إحدى مراحل هذا الوطن، وما هي إلا رايات نسلمها لمن يلينا من الأجيال، وكما أخاف أن نكون كأمم تلعن بعضها بعضا والعياذ بالله.
لو طرح علينا استفتاء كشعب أن ننفصل عن مجلس التعاون الخليجي مثلا.. كم تتوقعون ستكون النسبة للمؤيدين والمعارضين؟ وكيف سيكون حال سياسيينا ومساكين السياسة عندنا والمنتفعين من السياسة أيضا وذلك إذا افترضنا جدلا أن الدولة لن تتدخل في هذا الموضوع؟!.
أعتقد ومن وجهة نظري واستطرادا للنهج العام للعرض السياسي المعتاد عندنا ستكون النسبة كالتالي:
في بداية التصويت ستكون نسبة المشاركة بسيطة جدا ولن تتعدى نسبة المشاركين اكثر من 5% وستكون النسب الأكثر لعدم الانفصال، وفي ساعات الظهر سيتدخل الموج الثاني وتكثر السلامات والاتصالات وتتذبذب النسب دونما علم وسيكون كل المشاركين ينظرون لبعضهم البعض دون وعي أو تركيز إلى ما بعد العصر، وعند المغرب ستحسم العملية تقريبا، فقد رجح الناس نظريا أين تتجه الدفة ولمن ستكون الغلبة، وقبل الإقفال تحسم لصالح من لا صالح له، وتلتزم الحكومة بهذا القرار وتعلنه وتتعاطى معه بكل ذكاء بل وستهنئ الشعب الكريم على اختياره وهكذا حتى يكون هذا القرار وما سنختار والنسب المعلنة عبارة عن زوابع صغيرة جدا في فناجيلها متوسطة الحجم، وبدون سكر وستغلب ما يتماشى مع وجهة نظرها المتخذة أصلا قبل بدأ الاقتراع المزعوم.
[email protected]