هي ليست بجملة ذكرت في إحدى مسرحيات شكسبير ولا هي كلمات اقتبسناها من فلسفة هيجل، ولكنها أصبحت قانون ومبدأ أغلبية شباب هذا العصر، وهي «أنا أعترض فأنا موجود».
في كل عام تتغير الوجوه علينا عندما نستقبل العام الدراسي الجديد، وفي كل سنة بالنسبة لي أتمنى أن أرى جيلا يقتنع ويسمع للرأي الآخر، ولكن للأسف ما أجده في كل عام ما هو إلا ازدياد في وتيرة الرفض وشدة الاعتراض وعنفوانية «الأنا» من الطلبة الجدد.
كلماتنا ليست بحروف اعتراضية على تكوين الشخصية ولا هي قمع لحرية الآخر، ولكن ما نلمسه من أبنائنا وجيل المستقبل هو ما يجعلنا اليوم نطرح القضية «أنا أعترض فأنا موجود» ونسلط الضوء عليها لنبحث ما الأسباب من هذا الكم من الاعتراض من مستقبلنا!
هي إحدى الحالات وصورة متكررة لما نراه ونسمعه على مدار يومنا من أبنائنا الطلبة، طالب قد يكون ذكرا أو أنثى ومن بينهما «المستقبل» المجتهد على نفسه يطلب الكثير ويسأل العديد من الأسئلة سواء في سياق الموضوع أو خارجه وبرغم من تلك المميزات إلا أنه لا يقرأ الكثير ليكتسب المعلومات ليحاور من أمامه، ذلك المستقبل «الطالب» عندما تخاطبه على الدوم معترض ورافض بل في بعض الوقت من حدته يقوم بالصراخ وينسى أنه في محاضرة وأنه يحاور أستاذه وأصدقاءه الطلبة بل المضحك والمحزن عندما تعلن نتائج المواد على الدوم يعترض وأنه يرى أنه يستحق الأكثر من ذلك التقدير، حتى عندما يقوم بالسؤال عن درجاته لأستاذه يستفسر بطريقة غير لائقة تحتوي كلماته الكثير من صيغة الرفض والأمر ذلك ما يحدث في محراب العلم أما إذا نظرنا للوسائل التواصل الاجتماعي فنجده على الدوم رافضا منتقدا بل نجد بعض الكلمات اللاذعة تكتب في تعليقاته، وعندما تقوم بمواجهته بسؤال واحد وبالفعل قمت بسؤاله في إحدى محاضراتي: عفوا هل تتحدث مع والديك بتلك الصورة؟ فلم يجب المستقبل!
تلك الحالة ما هي إلا إحدى حالات مستقبلنا الرافض والمعترض على الدوم على كل شيء وأي شيء، مستقبل يمتلك من الطاقة الكثير قام بتحويلها في مخزونه النفسي إلى كتلة جمرية تعترض وترفض كل من يقف أمام رأيه، تلك الجمرة ما هي إلا حرق وتدمير لكل القوانين والسلوكيات والعادات التي غرست في مجتمعنا وبيئتنا.
مسك الختام: سطورنا ليست بحلول بل كلماتنا هي نداء لكل مسؤول عن مستقبلنا وأبنائنا بأن يجد الحلول ل «أنا أعترض فأنا موجود» !
[email protected]