كثيرا منا لهم حب الشغف للاطلاع على المقالات وقراءة الجرائد القديمة، وأنا واحدة ممن يملك قلبهم وعقلهم وفكرهم كل ما هو قديم، وما بين فترة وأخرى أسافر مع هوايتي المفضلة لقراءة كل ما سبق أن كتب، وخاصة في عالم الصحافة، وأثناء ممارسة هوايتي استوقفتني إحدى المقالات للكاتب «علي علي» التي جمع سطور مقالته من عبق التاريخ ليحاكي واقع بلاده العراق، ولكم جزء من سطور التاريخ التي حاكت الواقع من مقالة أ.علي علي لتتمتعوا بكلماتها وتعوا حروفها:
ففي أحد الأيام دعا رئيس وزراء بريطانيا آنذاك ونستون تشرشل وزراءه إلى اجتماع طارئ وعاجل للغاية، فتوجه من ضمن من توجهوا وزير العدل إلى مكان الاجتماع مستقلا سيارته، وبينما هو سائر في طريقه صادف أن عامل النظافة كان يدفع عربة القمامة عابرا الشارع، فأبطأ الوزير سيره فاسحا المجال إلى العامل كي يكمل مشواره، إلا أن عامل النظافة ارتبك حين رأى الوزير، واضطرب في سيره فسقطت بعض القاذورات على الشارع، فأوقف عربته لالتقاط الأوساخ الساقطة على عجل، ما سبب تعطيل الوزير بضع ثوان، فقد أعصابه وأخرج رأسه من نافذة سيارته قائلا للعامل بصوت عال: «أحمق»!
التقط العامل رقم سيارة الوزير وقدم شكوى لبلدية لندن، التي بدورها أصدرت أمرا بعدم رفع النفايات من أمام بيت الوزير، ورفعت الشكوى إلى رئاسة الوزراء، وحين عرضت الشكوى أمام ونستون تشرشل طلب من وزيره الاعتذار إلى عامل النظافة.
الذي حدث أن الوزير استقال من منصبه على الفور وذهب ليقدم اعتذاره إلى العامل، إلا أن رئيس الوزراء رفض الاستقالة..! وقال للوزير: «لقد أهنته وزيرا ولن أرضى تقديم اعتذارك وأنت شخص عادي.. استقالتك معلقة حتى تعتذر من عامل النظافة وأنت تشغل منصب وزير وحينها سأوافق! اعتذر الوزير.. ثم قبلت استقالته.
خلال الأيام التسعة التي استغرقتها هذه القضية، تكدست القمامة أمام منزل الوزير بشكل يثير التقزز والاشمئزاز، وصارت رائحة الشارع الذي يقطن فيه لا تطاق، الأمر الذي أجبره أن ينزل كل ليلة لينقل بسيارته الخاصة بعضا منها إلى خارج المدينة.
أسرد هذه الحادثة اليوم وأنا على يقين بأن وزير العدل البريطاني قد مات.. وعامل النظافة هو الآخر مات.. وتشرشل أيضا (شبع موت).. وما سردي إياها إلا لتذكير الناسين أو المتناسين من أصحاب القرار.
٭ مسك الختام: نقطة من أول السطر.. وسلامتكم وتعيشون.
[email protected]